الفخار في الديكور جاذبية القديم عندما يتحلى بالجديد
الفخار في الديكور.. جاذبية القديم عندما يتحلى بالجديد رغم شيوع استخدامه في صنع الأواني التي تحفظ الطعام ساخناً لمدة طويلة منذ عصور البشرية الأولى، إلا أن الفخار يشهد فترة جديدة من العز بعد ان اصبح موضة مناسبة للديكور المنزلي الكلاسيكي والحديث على حد سواء. فقد تطورت أشكاله على يد حرفيين مهرة لا يتوقفون عن تصميم القطع الفخارية ذات الألوان والرسوم الجذابة، التي تجمع أصالة الماضي بروعة الحاضر. وتعد مصر من أوائل البلاد التي عرفت صناعة الفخار، إذ عرف المصري القديم هذه الصناعة وبرع في زخرفتها وتشكيلها، فصنع من هذه المادة البسيطة أواني الغلال وتوابيت الموتى وغيرها من القطع لتزيين المنازل والقصور والمعابد. وبمرور الوقت تطورت الصناعة، وعرفت عجلة الفخراني في عصر الدولة القديمة، وكانت تدار باليد اليسرى، بينما تشكل القطعة الفخارية باليد اليمنى. وفي العهد الروماني صنع الفخار من الطين الأحمر، وتميزت زخارفه بالبروز واستخدام اللون الأسود في تلوينها. ومع مجيء الفتح الإسلامي وصلت الزخارف الفخارية إلى درجة من الإبداع زادت نبرتها في العصرين الفاطمي والمملوكي. أما في عهد الدولة الأيوبية فكانت النقوش عبارة عن رسوم حيوانية ونباتية تحاكي الطبيعة، مستمدة من الفن السلجوقي، الذي أثرى كل الفنون بالشرق الأوسط. لكن هذه الصناعة عرفت تقهقرا في العهد العثماني، ولم تسترجع مكانتها سوى في العصر الحديث، وإن كانت لم تخرج في نقوشها عن العناصر الموجودة بالبيئة المصرية من شجر وطيور وحيوانات وبشر وأنشطة حياتية، ومع ذلك باتت تلقى إقبالا كبيرا في الديكور الداخلي كما في الاستعمال اليومي. مهندس الديكور محمد غتوري قال لـ«الشرق الأوسط»:إن استخدام الفخار في المنازل يلقي إقبالاً واسعاً من عشاق الطبيعة بالذات، حيث يضفي الفخار بلونه الطبيعي، لمسة شرقية دافئة على أي مكان يوضع به. عن الفخار ذي الألوان الزاهية كالأخضر والأصفر والأحمر والأزرق، قال إنه يناسب الديكور العصري، الذي يتميز بألوانه الفاتحة المائلة للطبيعية. ويشير غتوري إلى إمكانية توظيف الفخار في الإضاءة من خلال وحدات الإضاءة الثابتة في الأركان والمتحركة ذات الفراغات، لما توحي به من رومانسية وسكينة، إذ يمكن مثلاً استخدام زير مياه أو جرة كبيرة الحجم في أحد أركان الحجرة الواسعة أو في مدخل المنزل على أن تلحق بها إضاءة ناعمة. كما يمكن ملء أركان المنزل الفارغة بوضع بعض الجرار الفارغة الصغيرة وتزيينها بفروع النباتات الخضراء، سواء الطبيعية أو الصناعية، أو فقط وضع تلك الجرار حول نافورة صغيرة مستديرة في الحديقة. من الممكن كذلك تزيين البلكونات بالجرار الملونة أو عمل المشربيات والمكرميات في الشرفات من الفخار، أو إضافة لمسات فنية تتخللها روائح، من خلال توزيع الفواحات الفخارية ذات الأشكال المميزة في كل أرجاء البيت. أما في حديقة المنزل، فإن الفخار لا يقتصر على الجرار، بل يمكن استخدام نافورة من هذه المادة، فضلا عن قطع اخرى في الممرات وحول حمامات السباحة مع إضافة النباتات المتسلقة اليها. يذكر أن منتجات الفخار والخزف، تحتل مكانة مهمة في ديكور بعض البلدان العربية كاليمن ومنطقة المغرب العربي، حيث تضيف هذه الأواني متقنة الصنع والمزينة بالألوان الزاهية الفاتحة إلى جانب مشغولات النسيج والجلد وأواني النحاس والفضة، لمسة رائعة للديكور البدوي والعربي المستخدم في طرازات الديكور التي تتوخى مظهرا اثنيا.
يضفي الفخار بلونه الطبيعي، لمسة شرقية دافئة على أي مكان يوضع به
ويؤكد المهندس محمد غتوري أنه من الممكن تغيير شكل بعض الجرار الفخارية في المنزل بواسطة بعض الخامات البسيطة وهي ورق الزجاج وبعض الألوان المائية، بحيث نبدأ بصقل جرة الفخار حتى تصبح ملساء تماما، ثم نرسم عليها باستخدام قلم رصاص صورة زهرة أو شجرة أو أي صورة طبيعية نريدها، ثم نلون باقي الجرة باللون المناسب المفضل، بعد ذلك يمكن ملء الرسم باللون الذهبي أو الفضي، وبعد أن تجف الألوان نقوم بطلاء الجرة بالورنيش، ونتركه لبعض الوقت حتى يجف وبهذا يصبح لدينا جرة كالخزف الحقيقي، ومن إبداعنا. يذكر أن صناعة الفخار في مصر، تعتمد على الطمي الطبيعي الذي يتنوع بين الأصفر والأسواني والنيلي، ويعد هذا الأخير أفضل الأنواع وأجودها. وتبدأ صناعة الفخار بتجهيز الطين وطرد الهواء منه حتى لا يتعرض للكسر في ما بعد، ثم يخلط الماء مع نوعية الطين المرغوب في استخدامها وفقاً لكل منتج بمقادير معينة، ثم تأتي مرحلة التخمير، حيث يتم الضغط على الطين من خلال الدواسة حتى يصبح أشبه بالصلصال، بعدها يترك من أسبوع لعشرة أيام حسب درجة حرارة المكان في غرفة خالية من أي مصدر هوائي، وتُقطع القطعة إلى شرائح كبيرة وتوضع على حجر أو منضدة، ليتم تشكيل الشكل المطلوب ويترك يوما حتى يتجمد. تأتي بعد ذلك مرحلة الرسم والنقش على الطين ولتترك خمسة أيام اخرى حتى تجف الرسوم، ثم تدخل في أفران تصل حرارتها إلى أكثر من 800 درجة مئوية لمدة يوم لحرقها، قبل أن تخرج لتدخل مرحلة التلوين بالألوان الحجرية أو النحاسية أو ألوان الماء أو البلاستيكية. وتعد الألوان النحاسية أفضل لأنها توحي بالقدم.