إنها مدينة مرو التي تعرضت لنكبة لم يعرف التاريخ مثلها على أيدي الغزاة التتار وكانت وصمة عار في جبين الإنسانية. كانت مدينة مرو كبيرة جدا في ذلك الوقت، وتقع الآن في تركمنستان، وهي على بعد أربعمائة وخمسين كيلومترا تقربيا غرب مدينة بلخ الأفغانية، وقد ذهب إليها جيش كبير من التتار فيه بعض أولاد جنكيزخان، وتوجه جيش التتار إلى مرو وكان هائلا يقدر بمئات الألوف. وفي المقابل جهز أهل مرو جيشا كبيرا من مائتي ألف مقاتل ، وكانت المعركة عنيفة بين الطرفين وكانت نهايتها بانهزام المسلمين أمام التتار وقتل من المسلمين الكثير، وأسر الباقي ونهبت الأموال والأمتعة. انهزم المسلمون، وفتح الطريق إلى مدينة مرو ذات الأسوار العظيمة؛ وكان بها من السكان ما يزيد على سبعمائة ألف مسلم من الرجال والنساء والأطفال. وحاصر التتار المدينة لأربعة أيام، وفي اليوم الخامس أرسل قائد جيش التتار وهو ابن جنكيزخان رسالة إلى حاكم مرو طلب منه فيها فتح الأبواب والخروج إليهم وفي المقابل يجعلونه أميرا عليها ويرحلون عنها!! فصدق أمير مرو ما قاله القائد التتري، وتوهم ذلك وخرج إليهم، فاستقبله قائد التتار استقبالا حافلا، وطلب منه في خبث ودهاء أن يخرج له أصحابه ورؤساء قومه لينظر التتار من يصلح لرفقته، فأرسل الأمير المخدوع إلى معاونيه ونفذ ما طلب منه، وخرج وفد كبير ولما تمكن التتار منهم أمسكوا بهم. ثم طلبوا منهم أن يكتبوا قائمتين كبيرتين: الأولى تضم أسماء كبار التجار وأصحاب الأموال في المدينة. الثانية تضم أصحاب الحرف والصناعات المهرة. وبعد ذلك أمر جنكيز خان أن يخرج جميع من في البلد، فخرجوا جميعا، ثم جاءوا بكرسي من ذهب قعد عليه ابن جنكيز خان ثم أمر بالتالي: – أن يأتوا بأمير البلاد وبكبار القادة فيقتلوا جميعا أمام أهل البلد!! وبالفعل حدث هذا الأمر والناس ينظرون ويبكون. – إرسال أصحاب المهن والحرف إلى منغوليا للاستفادة من خبراتهم هناك. – إخراج الأغنياء وتعذبيهم؛ حتى يخبروا عن كل ما لهم، ففعلوا ذلك؛ ومنهم من كان يموت من التعذيب، ولا يجد ما يكفي لافتداء نفسه. – دخول المدينة وتفتيش البيوت بحثا عن المال والمتاع، واستمر هذا البحث ثلاثة أيام. ثم أمر في النهاية بقتل أهل البلد أجمعين! وقد أمر ابن جنكيزخان بعد أن قتلوا جميعا أن يتم إحصاء القتلى، فكانوا نحو سبعمائة ألف قتيل. ليختفي بذلك ذكر مدينة مرو من التاريخ !!