تعد سفينة نوح معجزة إلهية بكل المقاييس فقد كان طولها حوالي (٣٠٠) ذراعا وعرضها حوالي (٢٠) ذراعا كما قال به الشيخ المغامسى، والدكتور زغلول النجار أي مساحتها (٦٠٠٠ ذراع) بما يعادل ٣٠٠٠ متر مربع تقريباً، وكانت مكونة من(٣) طوابق ، بارتفاع (٥٠) ذراعاً بما يعادل ارتفاع عمارة مكونة من (٨) طوابق، وكان الطابق الأخير مسقوفاً بالخشب.
* المعجزة الأولى
كان نوح عليه السلام يصنع السفينة بوحي من جبريل عليه السلام في كل لوح خشبي يضعه، وفي كل مسمار يدقه فهو لا يعرف شيئاً عن صناعة السفن، وكانت الملائكة تساعده وتعاونه في صناعتها
وكان يصنع السفينة في الصحراء، علي غير عادة صانعي السفن، فهي تصنع علي شواطئ البحار والأنهار ، مما جعله عرضه لسخرية قومه، فهم لا عهد لهم بصناعة السفن ، ولايفهمون ماذا يفعل نوح؟!
وهناك إختلاف وآراء كثيرة في معني التنور، لكن أوثق الآراء أنه الفرن المعروف
فيكون المعنى إذا خرج الماء من فرن بيتك.
* المعجزة الثالثة
أن تتحمل السفينة فيضان الماء، وارتفاع الأمواج العاتية، التي وصفها عز وجل بقوله تعالى:
(وهي تجري بهم في موج كالجبال).
ويتضح من التعبير القرآني، أنها كانت تجري وسط الماء الذي صار له عنفوان الموج، والذي كاد ارتفاعه أن يطول الجبال، مما يدل علي شدة وقوة المياه ، ولم تكن تسير، بل كانت تجري مسرعة، في الماء الذي يغمرها من تحتها ومن فوقها، ويحتويها من كل جوانبها، والمعتاد أن السفن تتهادي وتمشي فوق الماء.
وتحملت الماء المندفع من الأرض، والماء المنهمر من السماء إلي أن رست علي جبل الجودي بعد (٤٠) يوماً ، وقيل ثلاثة أشهر، وقيل أكثر من ذلك، ناهيك عن قوة الضغط والتدمير التي تنتج عن كل هذا الماء حيث قيل أن كمية الماء التي تلقته الأرض حينئذٍ يعادل ١٦٠ الف مرة حجم ماء المحيط الأطلسي، وقيل أنه يقدر بحوالي (٦،٦٦) الف مليون متر مكعب والذي أغرق كل شئ على الأرض، وتركها كأن لم تغن بالأمس.
قال تعالى:
(ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الأرض عيوناً فالتقي الماء علي أمر قد قدر).
هذا الماء الذي يستحيل أن تنجو منه أي سفينة عادية إلا أنه ما الغرابة؟! وهي تجري علي مرأى من الله، وبأمره، وقد تعهدها سبحانه وتعالي أثناء جريانها وعند مرساها بالعناية والرعاية.
قال تعالى:
(بسم الله مجراها ومرساها).
وقال تعالى
(تجري بأعيننا جزاءً لمن كان كفر).
* المعجزة الرابعة
السفينة كانت تجري بسرعة شديدة وسط هيجان الفيضان، والماء المتدفق من الأرض، والماء المنهمر من السماء، والأمواج العالية رغم أنها كانت خالية من وسائل الدفع، والحركة والتوجيه، فلا اشرعة، أو مجاديف، أو عجلة قيادة أو مواتير من التي نعرفها الآن، لكنها تجري تحت رعايته وعنايته، فالله سبحانه وتعالى هو الذي تولي قيادتها وتسييرها وتولي نجاتها، وحفظ ركابها
قال تعالى:
(تجري بأعيننا جزاءً لمن كان كفر).
وقال تعالى:
(بسم الله مجراها ومرساها).
* المعجزة الخامسة
هي ركاب السفينة فقد شُحنت السفينة بكل من آمن مع نوح من البشر، وكل الحيوانات والطيور والحشرات، والديدان، والزواحف، من كل صنف زوجين إثنين
قال تعالى:
(واحمل فيها من كل زوجين اثنين) علي إختلاف بيئاتها، وطبائعها، ومع إختلاف طرق معيشتها، ونوعية غذائها، والتناقض والتضاد بينها، وفيها من هو عدو للآخر، إلا أنها تعايشت بسلام مع بعضها لمدة أربعين يوماً أو أكثر، إلي أن وصلت السفينه محطتها الاخيرة، وأستقرت علي جبل (الجودي) الذي يقع أقصى بلاد العرب قبل بدء بلاد العجم.
وقد وصفها رب العزة بالسفينة المشحونة، وتعهد بنجاتها ومن مع نوح من المؤمنين، وغيرهم ممن شحنت بهم السفينة
قال تعالى:
(وأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون).
وبذلك تعد السفينة في صناعتها، وقوة تحملها وسرعتها، وحمولتها، وركابها، معجزة آلهية لسيدنا نوح عليه السلام تفوق قدرات البشر فليست هى من صناعته فقد كان عليه السلام يتلقى تعاليم صناعتها من جبريل عليه السلام خطوة بخطوة ، وليس هو ربانها، وقائدها
فسبحان الله الذي تعهد بصناعتها، وسيرها وسط كل هذا الماء ، وحفظها، وانجاها هي ومن عليها ، وأرساها بأمان وسلام.
* المعجزة السادسة
بعد أن رست السفينة بسلام، وأغرق الله الكافرين، وأنجا المؤمنين، أمر الأرض أن تبلع ماءها، وأمر السماء أن تكف عن سيولها، وينتهي كل شئ ، آية كبيرة، ومعجزة عظيمة للعالمين كما ذكر الله عز وجل