دَعِ التكاسُلَ في الخَـيراتِ تطلُبُـها
قال أبو الفتح علي بن محمد البستي المتوفى سنة 400 هجرية
دَعِ التكاسُلَ في الخَـيراتِ تطلُبُـها
فليـسَ يسعَدُ بالخَــيراتِ كَسْـلانُ
لا تُودِعِ السِّـرَّ وَشَّـاءً يبـوحُ بهِ
فما رعـى غَنَمًا فـي البدَّوِّ سِرْحـانُ
لا تَحسَبِ النَّاسَ طَبْعًا واحِدًا فَلهُمْ
غـرائـزٌ لسْتَ تُحصِيـهن ألـوانُ
لا تَستشِـرْ غيرَ نَدْبٍ حازِمٍ يَقِـظٍ
قـدِ اسْتَـوى فيـه إسْرارٌ وإعْـلانُ
ولـلأمـور مَواقيـتٌ مُـقَـدَّرَةٌ
وكُـلُّ أمـرٍ لـهُ حَـدُّ ومِـيـزانُ
فلا تكُـنْ عَجِـلًا بـالأمرِ تطلُبُـهُ
فليـسَ يُحمَدُ قبـل النُّضْجِ بُحْـرانُ
كفى مِنَ العيـشِ ما قدْ سَدَّ من عَوَزٍ
ففيـهِ للـحُـرِّ إن حققـت غُنيـانُ
وذو القَنـاعَةِ راضٍ مـن مَعيشَتِـهِ
وصاحبُ الحِرْصِ إن أثـرى فَغَضبْـانُ
لا تحسَبَـنَّ سُرورًا دائمًـا أبَـدًا
مَـنْ سَـرَّهُ زمَـنٌ ساءتْـهُ أزمـانُ
لا تَغتَـرِرْ بشَبـابٍ رائـقٍ نضِـر ٍ
فـكَـم تَقـدَّمَ قَبـَل الشّيْبِ شُبّـانُ
ويا أخَا الشَّيبِ لو ناصَحتَ نفسَكَ
لم يكُـنْ لمثِـلكَ فـي اللَّـذاتِ إنعـامُ
هبِ الشَّبيبَةَ تُبْدي عُذرَ صاحبـها
ما عُـذْرُ أشَيـبَ يَستهويـهِ شَيْطـانُ
كُـلُّ الذُّنـوبِ فإنَّ الله يغفِرهـا
إن شَيَّـعَ المَـرءَ إخـلاصٌ وإيـمـانُ
وكُـلُّ كَسْـرٍ فإنَّ الديـن يَجبُرُهُ
ومـا لِكَسـرِ قَنـاةِ الدِّيـنِ جُبْـرانُ
خذهـا سوائـر أمثـالٍ مهذَّبـةً
فيهـا لمـن يبتغـي التِّبيـانَ تِبيـانُ
الدَّو: الفلاة الواسعة من اﻷرض
سرحان: ذئب
بُحران: تغير مفاجِئ يحدث لمريض الحمى الحادة يصحبه عرق غزير .
وانخفاض سريع في درجة الحرارة