بسم الله الرحمن الرحيم القائلين به، وهم الخوارج قديما وتابعهم عليها ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب وعبدالعزيز بن باز وصالح العثيمين وسالم القحطانى، مبينا بداية أن «الولاء هو حُب الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين ونصرتهم، والبراء: هو بُغض من خالف الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين، من الكافرين والمشركين والمنافقين والمبتدعين والفساق».
هؤلاء يرون أن منزلة عقيدة الولاء والبراء من الشرع عظيمة وهى ركن من أركان الإيمان، ومن عظمة هذه المنزلة، أنها جزء من معنى الشهادة، وهى قول: «لا إله» من «لا إله إلا الله» فإن معناها البراء من كل ما يُعبد من دون الله، كما أنها شرط فى الإيمان، كما قال تعالى: «ترى كثيرًا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفى العذاب هم خالدون ولو كانوا يؤمنون بالله والنبى وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرًا منهم فاسقون». هذه العقيدة لديهم هى أوثق عرى الإيمان، لما روى أحمد فى مسنده عن البراء بن عازب، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «أوثق عرى الإيمان الحب فى الله والبغض فى الله». فى الحديث الصحيح: «من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله، فقد استكمل الإيمان»، مضيفا أنها سبب لتذوق حلاوة الإيمان ولذة اليقين، لما جاء عنه، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «ثلاث من وجدهن وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف فى النار»، كما أنها الصلة التى يقوم على أساسها المجتمع المسلم «إنما المؤمنون إخوة». إنه «بتحقيق هذه العقيدة تنال ولاية الله»، لما روى عن ابن عباس، رضى الله عنهما، أنه قال: «من أحب فى الله وأبغض فى الله، ووالى فى الله وعادى فى الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك»، مشيرا إلى أن عدم تحقيق هذه العقيدة قد يدخل فى الكفر، مستدلا بقوله تعالى: «ومن يتولهم منكم فإنه منهم»، لافتا إلى أن «كثرة ورودها فى الكتاب والسنة تدل على أهميتها». أن صور موالاة الكفار عندهم عديدة، وبينها التشبه بهم فى اللباس والكلام، والإقامة فى بلادهم، وعدم الانتقال منها إلى بلاد المسلمين لأجل الفرار بالدين، و السفر إلى بلادهم لغرض النزهة ومتعة النفس، واتخاذهم بطانة ومستشارين، إلى جانب «التأريخ بتاريخهم خصوصًا التاريخ الذى يعبر عن طقوسهم وأعيادهم كالتاريخ الميلادى»، والتسمى بأسمائهم، ومشاركتهم فى أعيادهم أو مساعدتهم فى إقامتها أو تهنئتهم بمناسبتها أو حضور إقامتها، ومدحهم والإشادة بما هم عليه من المدنية والحضارة، والإعجاب بأخلاقهم ومهاراتهم دون النظر إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد، والاستغفار لهم والترحم عليهم. الفهم الصحيح للقضية.. لم يعد أحد من السلف الصالح ولا من الأئمة الأربعة الولاء والبراء من أركان الإيمان، ولا من أركان الإسلام، وأجمع جماهير علماء الأمة على أن أركان الإيمان والإسلام ما جاء فى الحديث الصحيح، عَنْ عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بينما نحن عند رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إِلَى النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فأسند ركبتيه إِلَى ركبتيه ووضع كفيه عَلَى فخذيه، وقَالَ: يا محمد أخبرنى عَنْ الإسلام؟ فقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا رَسُول اللَّهِ، وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا» قَالَ صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه، قَالَ: فأخبرنى عَنْ الإيمان؟ قَالَ: «أن تؤمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر؛ وتؤمن بالقدر خيره وشره» قَالَ صدقت قَالَ: فأخبرنى عَنْ الإحسان؟ قَالَ: «أن تعبد اللَّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» قَالَ: فأخبرنى عَنْ الساعة؟ قَالَ: «ما المسئول عَنْها بأعلم مِنْ السائل» قَالَ: فأخبرنى عَنْ أماراتها؟ قَالَ: «أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون فى البنيان»، ثم انطلق فلبثت مليا ثم قَالَ: «يا عمر أتدرى مِنْ السائل؟» قلت: اللَّه ورسوله أعلم. قَالَ: «فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم». والحديث واضح صريح فى تحديد أركان الإسلام والإيمان.