غزوة أحد
غزوة أحد
لماذا لم ينهزم المسلمون ؟
يقول صاحب "الرحيق المختوم" صفي الدين المباركفوري: لا شك أن دفة القتال جرت لصالح الجيش المكي لكن هناك أمورا تمنعنا أن نعبر عن كل ذلك بالنصروالفتح ؛ فمما لا شك فيه أن الجيش المكي لم يستطع احتلال معسكر المسلمين، وأن المقدار الكبير من الجيش المدني لم يلتجيء إلى الفرار- مع الارتباك الشديد والفوضى العامة- بل قاوم بالبسالة حتى تجمع حول مقر قيادته، وأن كفته لم تسقط إلى حد أن يطارده الجيش المكي، وأن أحدا من جيش المدينة لم يقع في أسر الكفار، وأن الكفار لم يحصلوا على شيء من غنائم المسلمين، وأن الكفار لم يقوموا إلى الصفحة الثالثة من القتال مع أن جيش المسلمين لم يزل في معسكره، وأنهم لم يقيموا بساحة القتال يوما أو يومين- كما هو دأب الفاتحين في ذلك الزمان- بل سارعوا إلى الانسحاب وترك ساحة القتال، قبل أن يتركها المسلمون، ولم يجترثوا على الدخول في المدينة لنهب الذراري والأموال، مع أنها على بعد عدة خطوات فحسب، وكانت مفتوحة وخالية تماما.
كل ذلك يؤكد لنا أن ما حصل لقريش لم يكن أكثر من أنهم وجدوا فرصة، نجحوا فيها بإلحاق الخسائر الفادحة بالمسلمين، مع الفشل فيما كانوا يهدفون إليه من إبادة الجيش الإسلامي،بعد عمل التطويق- بل يؤكد لنا تعجيل أبي سفيان في الانسحاب والانصراف؛ أنه كان يخاف على جيشه المعرة والهزيمة، {وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ }
آيات قرآنية في أحد
نزل القرآن يلقي ضوءا على جميع المراحل المهمة في هذه المعركة، ما يفيد مكانتها في امتحان قلوب المؤمنين وعبرتها للاحقين، وفضحها للمنافقين وربتها بعطف على المؤمنين مهما بدا ضعفهم وكسرتهم، وقد وردت 60 آية بسورة آل عمران تبتدي بذكر أول مرحلة من مراحل المعركة {وإذ غدوت من أهلك تبويء المؤمنين مقاعد للقتال } وتترك في نهايتها تعليقا جامعا على المعركة { مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِه}
كما ترى بالآيات تطييب لنفوس أهل الإيمان{ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}
وقوله { إن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}وقوله بالبشرى : {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ }