ﺃﺻﻞ ﺍﻟﻌﻘﻞ :" ﺩﺍﺭﻭﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺪﺭﺓ
ﺗﻨﺸﻂ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ، ﻓﻲ ﻋﺪﺓ ﻣﺪﻥ ﻋﺮﺑﻴﺔ، ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﺤﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺿﻤﻦ ﻧﻘﺎﺷﺎﺕ ﻭﺗﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺗﺨﺮﺝ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻣﻦ ﻓﻀﺎﺀﺍﺗﻪ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﺿﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪّﻣﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼّﺼﻮﻥ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﻴﺪ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺗﻌﺎﻃﻲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻫﻮ ﺍﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﻣﻤﺎﺭﺳﺘﻬﺎ ﻟﻮ ﻋﺪﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺎﺑﻌﻬﺎ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ .
ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺍﺕ " ﺻﺎﻟﻮﻥ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺪﺭﺓ " ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻃﻠﻘﻪ ﺷﺒﺎﺏ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﺎﻡ ﺣﻠﻘﺘﻪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮﺍﻥ " ﺃﺻﻞ ﺍﻟﻌﻘﻞ .. ﺩﺍﺭﻭﻳﻦ ﻓﻲ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ " ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺀ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﺣﻴﺚ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻔّﺖ ﺑﺼﻌﻮﺩ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻄﻮّﺭ ﻟﺪﻯ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﺗﺸﺎﺭﻟﺰ ﺩﺍﻭﺭﻳﻦ ﻭﻣﻦ ﺛﻢّ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺑﻞ ﺃﻳﻀﺎً ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ .
ﻳُﺬﻛﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻠﻘﺘﻴﻦ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺘﻴﻦ ﻣﻦ " ﺻﺎﻟﻮﻥ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺪﺭﺓ " ﺧﺼّﺼﺘﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻲ ﺇﻳﻤﺎﻧﻮﻳﻞ ﻛﺎﻧﻂ ( ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ ) ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺃﺣﺪ ﻣﻨﻈّﺮﻱ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ، ﺣﻴﺚ ﺣﻤﻞ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺍﻷﻭﻝ ﻋﻨﻮﺍﻥ " ﺍﻟﻜﻠﺐ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻲ .. ﻛﺎﻧﻂ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ " ، ﻓﻴﻤﺎ ﺣﻤﻞ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻨﻮﺍﻥ " ﺃﺧﻼﻕ ﻛﺎﻧﻂ ."
ﻳﺸﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﻮﻥ ﺿﻤﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺤﻠﻘﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺘﺒﻊ ﻧﻈﺎﻣﺎً ﻳﻘﻮﻡ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺃﻭﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ " ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ " ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﻌﻮﻳﺪ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﻴﻦ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴﺎً ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻦ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻃﻮّﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮﻭﻥ ﻭﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻯ ﻗﺮﻭﻥ، ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﺍﻟﺘﻄﺮّﻕ ﻻﺣﻘﺎً ﺇﻟﻰ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺎﺕ ﺗﺘﺼﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻣﻊ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ .
ﻳﻘﺪّﻡ ﺍﻟﺘﺼﻮّﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺤﻠﻘﺎﺕ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺻﻴﻎ ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ، ﺭﺅﻳﺔ ﻃﺮﻳﻔﺔ ﻟﻠﻔﻜﺮ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺧﻴﺎﺭﺍً ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ ﺿﻤﻦ ﺧﻴﺎﺭﺍﺕ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﻳﻤﺜّﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﺍﻷﺳﻠﻢ ﻟﺒﻠﻮﻍ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ، ﻭﻣﻨﻪ ﻧﻘﺮﺃ : " ﻟﻜﻞ ﻣﻨﺎ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﺨﺼﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ( .. ) ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻧﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻛﻤﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ( ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﻣﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ) ، ﻭﻣﺮﺓ ﻧﻔﻜّﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﺃﻭ ﺑﻤﻨﻄﻖ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺔ، ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﻔﻜّﺮ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻧﻔﻌﻴﺔ ﻭﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻧﺘﺨﻴّﻞ ﻣﺜﺎﻟﻴﺎﺕ ﻭﻧﺤﻘﻘﻬﺎ : ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ، ﺍﻟﻌﺪﻝ، ﺍﻟﺴﻮﺑﺮ ﻫﻴﺮﻭ ... ﻛﻞ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠﻰ ﻗﺮﺍﺭﺍﺗﻨﺎ، ﻭﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻧﺴﺘﺨﺪﻡ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ؛ ﻓﻨﻘﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﺘﺸﻮﺵ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ " ﻟﻴﺨﻠﺺ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ " ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻛﻲ ﻧﻌﺮﻑ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺑﻴﻦ ﻃﺮﻕ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻤﻬﻢ ﺃﻱ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺃﻭ ﻣﻨﻬﺞ ﺳﻨﺨﺘﺎﺭ، ﺍﻟﻤﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﻔﻜﻴﺮﻧﺎ ﻣﺘﻮﺍﻓﻘﺎً ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻪ، ﺑﻌﻴﺪﺍً ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﻄﺎﻉ