يقول الشيخ ناصر العمر: رجل عرفته قبل عشر سنوات.. في مدينة الرياض.. من الصالحين الأخيار، وممن أكرمه الله بالمال وينفق على مشاريع الخير بسخاء..
فقدته فسألت عنه.. فإذا هو أصيب بمرض أصبح لا يتحرك فيه شيئ من جسده.. ولا ينطق كلمة واحدة.. لا يتحرك فيه إلا عيناه فقط.. لا يتكلم.. لا يمشي.. لا يتحرك..
تعطلت حواسه إلا سمعه وعيناه.. الآن يمارس الدعوة بكل قوة.. يمارس إنفاق الأموال بسخاء.. يصدر الأوامر للمشاريع وغيرها بتحريك عينيه فقط.. يأتيه أبنائه ويضعون له الأحرف حرفاً حرفاً.. فإذا وافقه هذا الأمر حرك عينيه..
قلت:: أين أهل الصحة والعافية ؟ أين الأقوياء والأشداء ؟ أين من أنعم الله عليهم بنعمة المال والبدن ؟
إن لكم في قصة هذا الرجل عِبر وعَبَرات.. ولكم في أفعاله عدة إشارات:-
أولها / أن الدعوة إلى الله تعالى لا تنحصر في عملِ معين.. أو حالِ معينة.. فكلً يدعو إلى الله جلّ وعلا حسب جهده وطاقته..
ثانيا ً / أن الداعية إلى الله لا بد وأن تكون له وقفة حازمة في وجه الأزمات.. فالداعية الصادق: ثابت عند الملمات.. قوي عند الشدائد و الكُرُبات.. إن أُغلِق في وجهه باب.. انفتحت لديه أبواب.. وكلما حاول علج لئيم أن يقطع طريقه وأن يحول بينه وبين دعوته.. أقبل بخيله ورَجِله.. وصدع بمنهجه وهديه.. وظل يدعو إلى دين ربه مادامت فيه عين تطرف.. وقلبُ يحيا.. ولا يكون ذلك إلا لمن صدق الله في دعوته.. وتقرب إليه بالدعوة إلى نوره و ملته..
ثالثاً / أن الداعية لا يحتقر عملاً من الأعمال.. ولا وسيلة من الوسائل.. بل يدعو إلى ربه حسب ما أوتي من علم.. وبقدر ما يملك من وسائل وآليات..