إشكالية تمويل أنظمة التكوين المهني
تمويل أنظمة التكوين المهني
تعتبر إشكالية التمويل أنظمة التكوين على الدوام محددا لتطوّر النظام التربوي أو التكويني، وتطرح اليوم وفق المفردات تسيير الأنظمة، تخصيص وتوزيع الموارد المجندة، والتحكم في التكاليف. تتشكل حالياً هياكل تمويل الأنظمة الثلاث في البلدان المغاربية(الجزائر، تونس و المغرب) من ميزانية الدولة، من عائدات رسوم العمّال الأجراء في المؤسسات، من مساهمة العائلات التي تخضع لدفع الرسوم لمؤسسات التكوين في القطاع الخاص، و من الهبات المتحصل عليها من مؤسسات التعاون الدولية (Bousaïd, 2000). لكل من مصادر التمويل هذه، حدود وقيود تؤثر على السير العام للأنظمة وعلى قدراتها على مواجهة حاجيات تطوير التكوين كمياً ونوعياً.
يعتبر، دون شك، تعدد مصادر التمويل أمراً هاماً، فلا يمكن لأي حكومة بمفردها أن تضمن تمول تكوين كل الكفاءات الضرورية في اقتصاد سوق الحديث، وعليه فإن تنويع المصادر يشكل أولوية راهنة لهذا القطاع في البلدان الثلاث، ليس لأنه سيسمح بتخفيف التكاليف فقط و إنما لضمان دينامكية العلاقات المتغيرة بين مطالب التكوين و مطالب الفاعلين الاقتصاديين.
برنامج "ميدا 1" يستهدف دعم تأهيل التكوين المهني والمؤسسات (1999-2004) : 38 مليون أورو كدعم، وبرنامج (...)
التكوين في محيط العمل (التكوين المستمر والتكوين التناوبي عن طريق التمهين) 2003-2007 : 3.8 مليون أور (...)
ففي المغرب، تتمثل مصادر التمويل المهني الأولي الأربع في عائدات الرسم على التكوين المهني، تمويل من خزينة الدولة، ومساهمة المانحين وأموال العائلات. يشكل الرسم المستخلص من التكوين المهني 1.6 في المائة من حجم أجور المؤسسات للعاملين المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، في حين أن موارد الميزانية الخاصة بالدولة تعتبر، بالأحرى، كمتغير للتصحيح والتعديل. أما تمويلات المانحين فنجدها مندمجة في مخصصات الميزانية، وهي واردة في معظمها من الاتحاد الأوربي20،ألمانيا21 ومن الوزارة الفرنسية للشؤون الاجتماعية ومن الوكالة الفرنسية للتنمية.
أهم المانحين هم : البنك العالمي، الوكالة الفرنسية للتنمية، والاتحاد الأوربي.
وفي تونس، يجري تمويل جهد التكوين المهني حسب الصورة نفسها و يتأتى من أربع مصادر هي : الرسم على التكوين المهني، ميزانية الدولة، أموال العائلات ومساهمة المانحين الذين قاموا في السنوات الأخيرة بالمساهمة في تنفيذ استراتيجية "مانفورم" 22 (MANFORME) ، ويتمثل أهم المانحين في البنك العالمي، والوكالة الفرنسية للتنمية والاتحاد الأوربي.
أما في الجزائر فنجد أن أهم مصادر التمويل تتمثل في ميزانية الدولة التي تشتمل على ميزانية التسيير التي يخصص منها 88 في المائة للرواتب والأجور وميزانية التجهيز المخصصة لتمويل المنشآت القاعدية والتجهيزات، في حين يشكل محور التكوين-الانتاج، الذي شرع فيه سنة 1992 المصدر الثاني للتمويل بفضل بيع المنتجات المنجزة طيلة مسار التكوين.
يلجأ قطاع التكوين، على غرار البلدين الآخرين، إلى التمويل الدولي عبر التعاون الثنائي و/ أو المتعدد الأطراف للمشاريع الرامية إلى النمو المتزايد للقطاع، ويستفيد البلد، في المقابل، بدعم نسبي من قبل المانحين في مجال تنمية الموارد البشرية مقارنة بالمغرب وتونس، و يبقى الاتحاد الأوربي واحد من أهم المتدخلين في هذا المجال، بحيث تتدخل اللجنة الأوربية في إطار برنامج ميدا 1، و2 في مشاريع عديدة التي لها صلة بتنمية الموارد البشرية، فمشروع "قيادة وهندسة التكوين والتعليم المهني" يستهدف دعم إجراء إصلاحات النظام مساهمة منه في تجديد جهاز القيادة وهندسة التكوين المهني في محاولة لربطه بطلب المؤسسات في مجال التأهيل المهني.
منقول