عفواً البيوت أسرار الساعة السادسة قام من سريره.. بنفسه أدّى واجبه الملقى عليه.. غسل وجهه.. نظَّف الأواني.. أعاد ترتيب المطبخ، ووضع الأحذية في مكانها المناسب.. علَّق الثياب على المشجب.. احتسى قهوته.. استمع إلى الأخبار الصباحية.. لم يستغرب شيئاً عندما تناهى إلى سمعه: أنْت إنسان مزعج، ونظاميٌّ فوق العادة وما عادت الأخبار تشبعك... عادَ في السادسة مساءً... ولجَ إلى البيت لم يجد ما يلفت نظره. كالعادة الطعام ليس معدّاً.. البيت كما كان في السادسة صباحاً.. توقّف قليلاً ثم أخذ كرسيّاً في مقهى ما.. قرأ الأبراج.. تابع ما وراء الأخبار، في المساء المتأخر قالت له: غريب طبعك.. تترك كلَّ شيء وتخرج ولا تسألنا عن حاجتنا.. هذه حياة لا تطاق.. هذا أمرٌ لا يحتمل.. قال لها: هذه أوّل كلمة، وأوّل كلمة صدق، وموقف جادّ أسمعه منك... مع شروق الشمس وجد نفسه في الطريق إلى المقبرة.. وقف عند قبر أمِّهِ قائلاً لها: الحياة لا تُطاق يا أمّي – البيت جحيم.. سمع صوتَ أمّهِ.. وأنا قلتها لأبيك في يوم من الأيَّام..... محمود محمد أسد