راودني هذا السؤال المخيف صباحا ، تحديدا حين صحوت على رائحة [size=48]القهوة[/size] التي تعدها قديستي مثل كل يوم . طبعا أنا لست لاجئة .. (همست لنفسي) ، اذا لا يمكنني أبدا أن أنجح في كتابة شعور شخص لاجئ .لكن لنفترض أنني لم أكن الآن هنا .. في هذه الرقعة الخضراء من العالم أين وضعني الله و أين اختارت لي السماء أما رائعة و ربطت مشيمتي بوطن جليل كهذا .. لنفترض أنني عدت يوما الى منزلي فوجدته كومة فراغ ... بحثت عن أمي فأشارت لي الملائكة بأصابعها أنها هناك بين غيمتين .. تبكي . لنفترض أنني و لسبب أجهله وجدت نفسي عند حدود أخرى ، طالبة اللجوء الى مكان آمن .. آمن فحسب . لنفترض أنني دخلت هذا المكان الآمن .. هذا المكان المترف في نظر البعض ، و في نظري أنا بما انني لست لاجئة ، انا هنا في وطن لم أختره لكنه اختارني . هل يمكن أن نتصور بماذا يشعر سوري يرى شجرة ياسمين في الغربة ؟! بماذا يشعر فلسطيني يتعثر بحبة زيتون في أزقة باليرمو ؟! ماذا ينتاب العراقي حين يقع بين يديه كتابا مختوما ب"طبع في العراق" ؟! اللجوء الى العالم الآخر المشتهى ليس جنة كما نتخيل . اللاجئ غريب .. غريب في بلد لا يشبه قلبه و لا يتسع لتفاصيله الكثيرة التي حملها من وطن مكسور ,, لا أتصور أن السوري في شوارع برلين قد فارقته رائحة الياسمين و الفل ... لا أتخيل أن الفلسطيني في شوارع باريس قد ضل حدسه رائحة الزيتون حين يعصر .. و رائحة زهر اللوز و رائحة الأصداف المنتشرة على شاطئ غزة ,, قل هل نسي العراقي المنفي رائحة الكتب الشهية في شارع المتنبي ؟! سيبقى قلب اللاجئ متسخا بالغربة و الغرابة الى أن يعود . لست لاجئة و لن أفلح في تصوير شعور المغترب كرها أو طواعية مهما اتسعت أبجديتي .. لكنني سأقول كما قلت دائما : مهما كان[size=48] المنفى[/size] مترفا ، لا يمكنه أن يتحول الى وطن ,, !