حياكم الله في منتديات واحة الإسلام.... تشرفنا زيارتكم.... يزدنا تألقا انضمامكم لاسرتنا.... نعمل لخدمتكم ...فمنتدياتنا صدقة جارية لاجلكم فحياكم الله ونزلتم اهلا وحللتم سهلا
كلمة الإدارة
 
 

 
 
 
 

منتديات واحة الإسلام :: الأقسام التاريخية :: واحة التاريخ و الحضارات و ثقافات الشعوب ::  واحة المخطوطات و الطوابع و العملات

كاتب الموضوع wissam مشاهدة صفحة طباعة الموضوع  | أرسل هذا الموضوع إلى صديق  |  الاشتراك انشر الموضوع
 المشاركة رقم: #
تم النشر فى :14 - 02 - 2017
wissam
Admin
Admin
تواصل معى
https://wahetaleslam.yoo7.com
البيانات
عدد المساهمات : 18291
السٌّمعَة : 21
تاريخ الميلاد : 16/04/1968
تاريخ التسجيل : 29/07/2016
العمر : 56
العمل/الترفيه : ربة منزل
مسكوكة ذهبية تذكارية بمناسبة تأسيس دولة بني تغلق بالهند Emptyموضوع: مسكوكة ذهبية تذكارية بمناسبة تأسيس دولة بني تغلق بالهند

مسكوكة ذهبية تذكارية بمناسبة تأسيس دولة بني تغلق بالهند
السلام عليكم
مسكوكة ذهبية تذكارية بمناسبة تأسيس دولة بني تغلق بالهند


 
تعد النقود الإسلامية مصدراً مهماً من مصادر التاريخ والحضارة الإسلامية، فهي وثائق صحيحة يصعب الطعن في قيمتها. وقد اكتسبت النقود أهميتها في التاريخ الإسلامي من كونها إحدى شارات الملك والسلطان التي حرص كل حاكم على اتخاذها بمجرد توليه الحكم، لذلك كانت النقود بما سجل عليها من كتابات وزخارف مرآة صادقة للعصر الذي ضربت فيه، تعكس جميع أحواله السياسية والدينية والمذهبية والاقتصادية والاجتماعية والفنية والجغرافية وغيرها. 
وقد عُرف من النقود الإسلامية نوع لم يكن مخصصًا للتداول، ولكنه ضُرب تخليداً لبعض المناسبات المهمة التي تشهدها البلاد، مثل: الاحتفال بتأسيس دولة جديدة، أو اعتلاء بعض الحكام للعرش، أو البيعة بولاية العهد، أو الاحتفال ببعض الانتصارات العسكرية. كذلك ضربت هذه النقود تخليداً لبعض المناسبات الاجتماعية المهمة، مثل: الزواج والمصاهرة بين الحكام والأمراء، أو ختان أبناء الخلفاء والحكام، وأيضا عند مرض بعض الخلفاء والحكام، والاحتفال ببعض المناسبــات الدينيـة، مثــل: العيدين، وغــرة بعض الشهــور الهجـريــة، أو غيرها، وقد عرف هذا النوع من المسكوكات بالنقود التذكارية.
وقد اختلفت النقود التذكارية عن النقود المخصصة للتداول من حيث الحجم والوزن والقطر والنقوش والكتابات والزخارف - في كثير من الأحيان - فقد تمتعت النقود التذكارية بحرية السك والإصدار؛ لأنها نقود إعلامية دعائية غير مخصصة للتداول. وكانت تمنح هدايا للوزراء وكبار رجال الدولة من الأمراء والقادة، كما كانت تمنح أيضًا نقودًا لصلة الفقراء وأولي الأرحام؛ لذلك أطلق عليها أيضًا نقود الصلة والدعاية. 
وكانت هذه المسكوكات تضرب بقوالب سك خاصة بها، تختلف عن قوالب سك النقود المخصصة للتداول؛ لأن النقود التذكارية كان ينقش عليها رسوم وتصاوير وكتابات وزخارف تختلف عن نقود التداول، ولكنها تعبر عن المناسبة السياسية أو الاجتماعية التي سكت تخليداً لها. كما اختلفت أيضاً صنج السكة التي كانت تستخدم لوزن هذه المسكوكات التذكارية عن تلك الصنج التي كانت تستخدم لعيار النقود المخصصة للتداول؛ لأن المسكوكات التذكارية كانت تسك على أوزان مختلفة، قد تزيد كثيراً عن نقود التداول، أو تقل عنها في بعض الأحيان(1). 
وهذا البحث يتناول مسكوكة ذهبية تنتمي لهذا النوع من المسكوكات التذكارية، أو ما يعرف بنقود الصلة والدعاية. وهذه المسكوكة التذكارية ضُربت تخليداً لمناسبة سياسية مهمة، هي تأسيس دولة بني تغلق سلاطنة دهلي بالهند (720-815هـ/1320-1413م). وتُنسب هذه الدولة إلى مؤسسها غياث الدين تغلق شاه، أصله من الأتراك المعروفين بالقرونة(2)، قدم والده إلى الهند في عهد السلطان غياث الدين بلبن (664-686هـ/1266-1287م)، وتزوج من فتاة زطية من البنجاب، وأنجب منها ولده غازي ملك تغلق(3).
كان غازي ملك تغلق ضعيف الحال، فقدم إلى السند في خدمة بعض التجار، وذلك في عهد السلطان الخلجي علاء الدين محمد شاه (695-715هـ/1296-1316م). وقد التحق تغلق بخدمة أولوخان - أخي علاء الدين - حاكم السند، فجعله في عسكره، وارتفعت منزلة غازي ملك تغلق بسبب ذكائه وشجاعته، فعيّنه أولوخان أميراً لخيله، ثم صار بعد ذلك من الأمراء الكبار(4). 
وقد حظي غازي ملك تغلق بمكانة عظمى لدى السلطان علاء الدين الخلجي بعد المساعدات المخلصة التي قدمها تغلق لسيده علاء الدين في حروبه ضد المغول، حيث نجح في صد الخطر المغولي الداهم عن عاصمته دهلي بفضل المساعدات الكبيرة من كبار قادته غازي ملك تغلق، وظفرخان، وألغ خان(5). 
وبعد وفاة السلطان علاء الدين الخلجي في سنة 715هـ/ 1316م دخلت دولة الخلجيين في مرحلة من الصراعات بين الأمراء الخلجيين وأحد قادة السلطان علاء الدين، ويسمى كافور(6) من أجل اعتلاء عرش الهند. وقد نجح كافور في البيعة لحدث صغير اسمه شهاب الدين عمر خان، ولكن ذلك لم يستمر طويلاً، حيث تمكن قطب الدين مباركشاه بن علاء الدين بمعاونة أمراء أبيه من قتل كافور والتخلص من بطانته، وارتقى قطب الدين عرش دهلي في سنة 716هـ/1316م(7). 
غير أن السلطان الجديد لم يكن بالكفاءة التي تكفل له السيطرة على مقاليد الأمور في الدولة الخلجية، فانغمس في الشهوات والملذات، وفوّض شؤون دولته إلى قائده خسروشاه، والذي قوي مركزه، وطمع في حكم البلاد، ودبّر مؤامرة لاغتيال سيده، وبالفعل تم له ذلك، وقتل قطب الدين مباركشاه، لينتهى بذلك حكم الخلجيين، واعتلى خسروشاه عرش دهلي في سنة 720هـ/1321م(Cool
وعندما اعتلى خسروشاه عرش دهلي تلقب بناصر الدين(9)، وأرسل الكتب إلى جميع البلاد، وبعث إلى كل أمير خلعة، فأذعنوا له بالولاء والطاعة، فيما عدا غــازي ملك تغلـق شاه - وكان والياً على دبال بور من بــلاد السند منذ عهد قطب الدين مباركشــاه - لما وصلت إليــه خلعة خسروشاه قام بطرحهــا على الأرض، وجلس فوقهـا، ورفض البيعة له(10).
وكان خسروشاه من أصل هندوكي وضيع بالكجرات، فلما اعتلى عرش دهلي أطلق أيدي أتباعه من الهنادكة، فعاثوا في البلاد فساداً، وانتهكوا الحرمات، وأشاعوا الظلم والجور، بل إن خسروشاه نفسه كان على رأسهم، فانتهك حرمات سيده علاء الدين الخلجي(11).
وقد حرص خسروشاه على إحياء تعاليم عقيدته القديمة الهندوكية، وشايعه في ذلك عصبة من الأمراء الهنادكة، فأخذوا يحطون من قيم الإسلام في استهتار وجرأة، حتى بلغ بهم الأمر إلى اقتحام المساجد، ووضعوا بها أصنامهم، وجعلوا من المصاحف قاعدة لها، كما حرموا أيضاً ذبح البقر(12).
وقد أثار هذا التصرف من خسروشاه وأتباعه غضب الرعية والأمراء العلائيين على السواء، فاجتمعوا على الاستنجاد بأحد الأمراء العلائيين، الذين عرفوا بالحزم والشجاعة، وهو غازي ملك تغلق(13). وبالفعل استجاب تغلق لنداء الأمراء العلائيين، وعزم على قصد دهلي لتخليص أهلها من ظلم خسروشاه وفساد أتباعه، فأرسل إلى ابنه جونة - الذي عرف باسم محمد بعد ذلك - وكان أميراً على الخيل في دهلي للسلطان خسروشاه، فهرب إلى والده، وانضم إليه عدد كبير من الأمراء، على رأسهم كشلوخان وولده، واتجهت هذه القوات المتحالفة إلى دهلي. فلما علم خسروشاه بذلك، جمع الجند والقادة، وبذل لهم الأموال في محاولة يائسة لاسترضائهم، ولكن هذا لم يغن عنه شيئاً، ولقي هزيمة منكرة أمام جيش تغلق وأتباعه، وحاول الهرب، غير أنه قُبض عليه، وقُتل في شهر رجب سنة 720هـ/ أغسطس 1320م(14). 
وقد استقبلت دهلي غازي ملك تغلق استقبال الفاتحين، وعرضت عليه عرشها، فلم يقبله إلا بعد أن تأكد من عدم وجود وريث شرعي للعرش من صلب سيده السلطان علاء الدين الخلجي ولي نعمته(15)، وارتقى تغلق عرش الهند في شهر شعبان سنة 720هـ/ سبتمبر 1320م، وتلقب بالسلطان غياث الدين تغلق شاه، ليبدأ بذلك عهـد جديـد هو عهد دولة بني تغلق بالهند(16).
أما المسكوكة موضوع البحث فهي مسكوكة ذهبية ضربت تخليداً لهذه المناسبة السياسية المهمة في تاريخ الهند، وهي تأسيس دولة بني تغلق، واعتلاء السلطان غياث الدين تغلق شاه عرش دهلي وريثاً لملك الخلجيين.
وهذه المسكوكة التذكارية يبلغ وزنها (43.55 جم)، وقطرها (32مم)، كانت ضمن مجموعة السيد وليم قازان في بيروت(17)، ثم انتقلت إلى متحف قطر الوطني بعد شرائه هذه المجموعة(18). وقد نشرت هذه القطعة لأول مرة في سنة 1983م (1403هـ)، حين قام قازان بنشر مجموعته الخاصة في (كتالوج) خاص عن المسكوكات الإسلامية. وقد صنف قازان هذه القطعة ضمن نقود السلطان محمد بن غياث الدين تغلق شاه (725-752هـ/ 1325-1351م). ولكن هذا التصنيف غير صحيح؛ لأن هذه القطعة تحمل اسم السلطان غياث الدين تغلق شاه مؤسس الدولة، لذلك تجب إعادة نسبة هذه المسكوكة إليه، وهو ما يهدف إليه هذا البحث إلى جانب بيان الدور الإعلامي لهذه المسكوكة التذكارية، وتفسير ما سُجل عليها من نصوص كتابية في ضوء الأحداث التاريخية التي صاحبت قيام دولة بني تغلق.
والشكل العام لهذه المسكوكة التذكارية يتميز بوجود دائرتين تحيطان بنصوص كتابات الوجه والتي جاءت مركزية، الدائرة الداخلية خطية، بينما يظهر من بقايا الدائرة الخارجية أنها من حبيبات غير متماسة. أما الظهر فيحيط بكتابات المركز دائرتان متحدتا المركز، بينما يحيط بكتابات الهامش من الخارج دائرة خطية أخرى. وتتخلل نصوص كتابات الهامش زخرفة؛ عبارة عن أربع دوائر تقسم كتابات الهامش إلى أربع مناطق، وهذه الدوائر بها زخرفة من حبيبات أو دوائر صغيرة مطموسة (لوحة 1، شكل1)، ونصوص كتابات هذه المسكوكة نـُفِّذت بخط الثلث، وجاءت كما يأتي:
ويلحظ على نصوص كتابات هذا النقد التذكاري أنه يحمل بكتابات مركز الوجه اسم السلطان الخلجي علاء الدين محمد شاه (695-715هـ/1296-1316م) والذي ورد بالصيغة الآتية: "السلطان الأعظم علاء الدنيا والدين أبو المظفر محمد شاه السلطان"، ويلحظ أن الحروف الثلاثة الأخيرة من كلمة "الدنيا" قد كتبت بشكل رأسي إلى أسفل؛ نظراً لضيق المساحة؛ مما جعلها تبدو وكأنها كلمة "الدين". والصيغة ذاتها هي التي ظهرت على النقود التي سكها السلطان الخلجي علاء الدين محمد شاه باسمه أثناء فترة حكمه، وكانت هذه الألقاب تنقش أيضاً بكتابات الوجه(19). ويبدو أن الأمر قد التبس على السيد وليم قازان في وجود اسم السلطان "علاء الدين محمد" على هذا النقد؛ لذلك نسبه خطأً إلى السلطان فخر الدين محمد بن تغلق، والذي لم يتلقب مطلقاً بلقب "علاء الدنيا والدين"، وهو اللقب الذي تلقب به السلطان الخلجي علاء الدين محمد شاه. 
والسلطان علاء الدين محمد شاه تولى حكم الدولة الخلجية بعد اغتياله لعمه السلطان جلال الدين فيروز شاه (689- 695هـ/1290-1296م)، ونجح في بسط سيطرة الدولة الخلجية على شبه القارة الهندية بفضل طموحه الكبير، وبمساعدة قادته الأكفاء وعلى رأسهم قائده الكبير غازي ملك تغلق، ومعه ظفر خان، وألغ خان؛ فقد تمكنت جيوشه من صد الهجمات المغولية على بلاده، كما استطاع فتح العديد من الحصون والأقاليم التي لم يسبق لأحد من حكام المسلمين في الهند فتحها، لذلك كان هذا السلطان من أعظم حكام المسلمين في عصره(20). 
غير أن هذا السلطان كان له حلمان غريبان: الأول أنه كان يتمنى أن يقود جيوشه لفتح الدنيا بأسرها مثلما فعل الإسكندر الأكبر المقدوني(21). أما حلمه الثاني فيتمثل في رغبته في ادعاء النبوة، وزعم لأصحابه أنه قادر بهم على تنظيم الدعوة لدين جديد، يخرجون به لنشره في أرجاء الدنيا، خاصة أنه كان يقول: إن قادته هم منه بمنزلة الخلفاء الراشدين من النبي [(22). ولكن لحسن الحظ أنه كان هناك قاض يسمى علاء الملك - وهو عم السلطان علاء الدين - قام له ناصحاً بأن النبوة هي وحي من عند الله، وليست من صنع البشر، وأن النبوة لم يختص بها الملوك، وإن كان بعض الأنبياء قد أوتي من الملك نصيباً، وليس أدل على ذلك من أن جنكيزخان - زعيم المغول الأكبر - برغم ما سفك من الدماء في بلاد المسلمين، لم يمكنه ذلك من إجبار المقهورين على اعتناق ملته، بل حدث العكس، فأقبل المغول الفاتحون أنفسهم على اعتناق الإسلام، فدخلوا في دين الله أفواجا. كما ذكر القاضي أن مسألة فتح العالم ليست أمرا ميسوراً، وأن العصر الذي عاش فيه الإسكندر المقدوني وفتح فيه العالم مغاير تماماً لهذا العصر، كما أن الإسكندر كان له وزير ناصح حكيم، وهو أرسطو، وهو ما لا يتوافر للسلطان علاء الدين؛ وقد لاقى كلام هذا القاضي قبولاً في نفس السلطان علاء الدين؛ فانصرف عن أفكاره وأحلامه الشاذة(23). 
ولكن لماذا قام السلطان غياث الدين تغلق شاه بتسجيل اسم السلطان الخلجي العظيم علاء الدين محمد شاه على هذه المسكوكة التذكارية على الرغم من وفاته؟. 
ويمكن القول: إن قيام السلطان غياث الدين تغلق بتسجيل اسم السلطان الخلجي علاء الدين محمد شاه على هذه المسكوكة التذكارية يرجع إلى سببين مهمين: السبب الأول أن غياث الدين تغلق كان من كبار القادة في عهد السلطان علاء الدين الخلجي، وكان محل ثقته بعد المساعدات المخلصة التي قدمها له في الحرب ضد المغول، ونجح غازي ملك تغلق في رد العديد من الهجمات المغولية عن الحدود الغربية لدولة الخلجيين. ومن ثم أصبح غازي ملك تغلق من كبار الأمراء العلائيين المقربين لعلاء الدين الخلجي، لذلك عندما دعاه الأمراء العلائيون لمحاربة خسروشاه الذي قتل السلطان قطب الدين مباركشاه، وانتهك حرمات سيده علاء الدين الخلجي، لم يتوان غازي ملك تغلق عن الاستجابة لنداء الأمراء العلائيين، وهاجم العاصمة دهلي، واستولى عليها، وقتل خسروشاه، وخلص الهند من فساده وظلمه هو وطائفته الهندوكية. وتؤكد المصادر التاريخية أنه بعد انتصار غازي ملك تغلق على خسروشاه ودخوله العاصمة مظفراً عُرض عليه عرشها فرفض، ثم قبل بعد ذلك بعدما تأكد من عدم وجود وريث شرعى للملك من صلب سيده السلطان علاء الدين الخلجي ولي نعمته، كما سبق أن ذكرت.
ويمكن القول: إن قيام السلطان غياث الدين تغلق بتسجيل اسم سيده السلطان علاء الدين الخلجي على هذا النقد التذكاري كان وفاءً لسيده، وإعلاناً منه أنه لم يتول عرش الخلجيين إلا لعدم وجود وريث من صلب سيده، وكان ذلك إعلاناً أيضاً بأن حكمه للهند سيكون امتداداً لحكم سيده العظيم علاء الدين الخلجي. وقد قصد غياث الدين تغلق من وراء ذلك إضفاء الشرعية على حكمه الجديد للهند. 
أما السبب الثاني والذي دفع السلطان غياث الدين تغلق لتسجيل اسم سيده علاء الدين الخلجي على هذه المسكوكة التذكارية فهو سعيه لكسب تأييد الأمراء العلائيين لحكمه في هذه الفترة المبكرة من توليه العرش. فعلى الرغم من استدعاء الأمراء العلائيين لغياث الدين تغلق لمحاربة خسروشاه ومساعدتهم له في الاستيلاء على دهلي إلا أن بعض الأمراء حقد على غياث الدين تغلق في هذا الأمر، ومنهم الأمير مغولتكين أمير الملتان، والذي كان يرى في نفسه نداً لغياث الدين تغلق، فرفض الانضمام إليه في محاربة خسروشاه، ولولا نجاح القائد بيرم خان في القضاء على مغولتكين، وضم جنوده إلى جيش غياث الدين تغلق لحدث ما لا تحمد عقباه(24). 
وقد سعى غياث الدين تغلق من وراء تسجيل اسم سيده السلطان علاء الدين الخلجي إلى استرضاء الأمراء العلائيين، وليعلن لهم أنه لم ينتزع الملك مثل خسروشاه، ولم يؤسس له حكماً مستقلاً، ولكنه يحكم الهند باسم سيده علاء الدين الخلجي؛ لذلك يجب عليهم مساعدته وتأييده، فهو رفيقهم في خدمة سلطانهم الراحل، ولولا عدم وجود وريث لعرش الخلجيين ما اعتلى عرش سيده، ولكنه سيقوم بحكم الهند بمساعدتهم وتأييدهم له.
ولا شك في أن هذه المسكوكات التذكارية والتي سوف تهدى أصلا نقود صلة إلى الأمراء العلائيين، وكبار القادة، ورجال الدولة في دهلي سيكون لها تأثير كبير على نفوس هؤلاء الأمراء والقادة حين يجدون اسم سيدهم السلطان علاء الدين الخلجي منقوشاً عليها، الأمر الذي يوضح وفاء غياث الدين تغلق لسيدهم ولأسرته، فلم يتنكر تغلق لسيده علاء الدين، ولم ينتهك حرماته مثلما فعل خسروشاه من قبل. ومن ثم فليس هناك ما يدعو لغضب هؤلاء الأمراء لاعتلاء غياث الدين تغلق عرش الهند؛ لأنه سيكون امتداداً لحكم سيدهم علاء الدين، ووفاءً له ولأسرته. 
أما كتابات مركز ظهر هذا النقد التذكاري فتشتمل على اسم السلطان غياث الدين تغلق بالصيغة الآتية: "تغلق شاه السلطان ناصر أمير المؤمنين". ويلحظ أن تغلق سجل اسمه على هذا النقد التذكاري مجرداً من الألقاب، واكتفى فقط بلقب "السلطان" للتعبير عن موقعه السياسي الجديد في الدولة، في حين أنه سجل كل الألقاب الفخمة لسيده المتوفى علاء الدين الخلجي، والتي كان يُلقب بها في حياته، وهي: "السلطان الأعظم علاء الدنيا والدين أبو المظفر محمد شاه السلطان". ولعل ذلك يعبر عن تواضع غياث الدين تغلق أمام اسم سيده علاء الدين الخلجي وألقابه التي وردت بكتابات مركز الوجه، وكذلك لتجنب إثارة الأمراء العلائيين لو اتخذ الألقاب الفخمة لنفسه في هذه المرحلة المبكرة. ولعل ذلك هو ما دفعه لأن يخصص كتابات مركز وجه المسكوكة - والتي يُسجل عليها النصوص الرئيسة للنقد - لاسم سيده وألقابه فقط، في حين أنه سجل اسمه بكتابات مركز الظهر.
ويلحظ أن غياث الدين تغلق سجل لقب "ناصر أمير المؤمنين"، ويلحظ أن الحروف الثلاثة الأخيرة من كلمة المؤمنين غير موجودة؛ لأن المساحة المخصصة لكتابة هذه الكلمة لم تكن كافية لها، مما جعل النقاش يكتب الحروف الأولى منها فقط. وهذا اللقب كان قد سبق ظهوره على نقود علاء الدين الخلجي(25). ولهذا اللقب دلالة دينية، فهو يشير إلى تبعية غياث الدين تغلق للخلافة العباسية، وهو الأمر الذي حرص عليه حكام الهند من خلال استمرار تسجيل اسم الخليفة العباسي المستعصم بالله (640- 656هـ/ 1242- 1258م) على نقودهم لفترة طويلة بعد وفاته، ومنهم جلال الدين فيروزشاه الخلجي(26).
وقد سجل غياث الدين تغلق لقب "ناصر أمير المؤمنين" على هذه المسكوكة التذكارية، وأيضا على إصداراته النقدية التي سكها بعد ذلك(27)، دون تحديد لاسم خليفة، ولكن للتعبير فقط عن ولائه الديني والروحي لنظام الخلافة الإسلامية، رمز أهل السنة والجماعة. وهو الأمر الذي اتضح جلياً في عهد ابنه محمد بن تغلق، والذي أرسل إلى الخلفاء العباسيين في مصر يطلب منهم الخلعة والولاية على بلاد الهند(28). 
وتشتمل كتابات هامش الظهر لهذه المسكوكة التذكارية على الاقتباس القرآني من آية الكرسي ونصه: {پلَّهٍ لا إلّهّ إلاَّ هٍوّ پًحّيٍَ پًقّيٍَومٍ لا تّأًخٍذٍهٍ سٌنّةِ $ّلا} [البقرة: 255](29). ويلحظ عدم اكتمال نقش الاقتباس بهامش الظهر لعدم تناسب المساحة المخصصة بالهامش لنص الآية، لذلك اكتفى النقاش بتسجيل الجزء الأول منها.
ويرتبط تسجيل الاقتباس القرآني من آية الكرسي على هذا النقد التذكاري للسلطان غياث الدين تغلق شاه بالظروف والأحداث التي تولى فيها عرش الهند، فقد ورد في تفسير آية الكرسي أنها آية أنزلها الله سبحانه وتعالى، وجعل ثوابها لقارئها عاجلاً أو آجلاً، فأما في العاجل فهي حارسة لمن قرأها من الآفات(30). ومن ثم فقد سجل غياث الدين تغلق هذا الاقتباس من الآية الكريمة داعياً الله سبحانه وتعالى أن يحفظه من الشرور التي يعلمها والتي لا يعلمها بعد أن أصبح ملكاً على الهند كلها، ولا يعلم من يناصره ومن يناصبه العداء؛ لذلك لجأ إلى الله عسى أن يدفع عنه - ببركة هذه الآية الكريمة - الشر الذي يكمن وراء هذا الملك.
وتبقى من دراسة هذه المسكوكة الذهبية التذكارية معرفة مكان سكها وتاريخه، خاصة وأنه لم يسجل عليها مكان السك أو تاريخه؛ وذلك يرجع في المقام الأول إلى كونها نقداً تذكارياً لم يهتم فيه - في كثير من الأحيان - بتسجيل عليه مكان السك عليه أو تاريخه، ولكن من المؤكد أن هذه المسكوكة التذكارية من إصدار دار سك دهلي العاصمة بعد استيلاء غياث الدين تغلق عليها. أما تاريخ السك فهو في الفترة الباقية من سنة 720هـ/ 1321م، وهي الفترة التي تلت استيلاء غياث الدين تغلق على دهلي في شهر شعبان سنة 720هـ.
ويمكن القول: إن هذه المسكوكة التذكارية تمثل الإصدار الأول للسلطان غياث الدين تغلق في دار سك دهلي بعد دخوله العاصمة مباشرة، وقبل أن تبدأ دار السك في إصدار النقود المخصصة للتداول. ويتأكد ذلك من أن هذه المسكوكة الذهبية التذكارية حملت اسم تغلق بصيغة "تغلق شاه السلطان"، بينما حملت الإصدارات التالية اسم غياث الدين تغلق وألقابه بصيغة "السلطان الغازي(31) غياث الدنيا والدين أبو المظفر تغلق شاه السلطان ناصر أمير المؤمنين"(32). وهذه الألقاب اتخذها غياث الدين تغلق لنفسه بعد استقراره على عرش دهلي؛ لذلك أمر بأن تضرب السكة باسمه منفرداً، وسجل عليها هذه الألقاب الفخمة.
نتائج البحث:
من خلال دراسة هذه المسكوكة الذهبية التذكارية وما سجل عليها من نصوص كتابية في ضوء الظروف والأحداث التاريخية المعاصرة لها نخلص لبعض النتائج، منها: 
1 - قامت الدراسة بتناول هذه المسكوكة لأول مرة بالبحث والدراسة بصورة صحيحة؛ إذ نسبت هذه المسكوكة إلى السلطان غياث الدين تغلق شاه مؤسس دولة بني تغلق، وليس السلطان فخر الدين محمد بن تغلق كما اعتقد السيد وليم قازان.
2 - أوضحت الدراسة ولأول مرة أن هذه المسكوكة تمثل إصداراً تذكارياً إعلامياً للسلطان غياث الدين تغلق شاه بمناسبة تأسيسه دولة بني تغلق بالهند، لتوزع هدايا على الأمراء والقادة وكبار رجال الدولة. 
3 - أظهرت الدراسة أن اسم "السلطان علاء الدنيا والدين أبو المظفر محمد شاه" الذي نقش بكتابات مركز وجه هذه المسكوكة يخص السلطان الخلجي علاء الدين محمد شاه، وليس السلطان فخر الدين محمد تغلق حاكم بني تغلق كما اعتقد وليم قازان. وأوضحت الدراسة أيضاً أن تسجيل اسم السلطان علاء الدين الخلجي على هذه المسكوكة التذكارية - على الرغم من وفاته - كان لأسباب دعائية وإعلامية للسلطان غياث الدين تغلق شاه. 
4 - أضاف هذا البحث أيضاً إلى المسكوكات الإسلامية المضروبة في الهند آية قرآنية جديدة لم تظهر قبل ذلك على هذه المسكوكات، وهي آية الكرسي(33)، حيث نُقش اقتباس منها نصه: {پلَّهٍ لا إلّهّ إلاَّ هٍوّ پًحّيٍَ پًقّيٍَومٍ لا تّأًخٍذٍهٍ سٌنّةِ $ّلا} [البقرة: 255] بهامش الظهر. وكان السيد وليم قازان قد سجل نصوص كتابات هذه المسكوكة دون أن يقرأ هذا الهامش. وقد أوضحت هذه الدراسة الأسباب التي دفعت السلطان غياث الدين تغلق شاه إلى اختيار هذا الاقتباس القرآني بالذات دون غيره لنقشه على هذه المسكوكة التذكارية بسبب الظروف التي صاحبت توليه عرش الهند. 
5 - وخاتمة القول في دراسة هذه المسكوكة الذهبية التذكارية التي سكها السلطان غياث الدين تغلق شاه بمناسبة اعتلائه عرش الهند، وتأسيسه دولة بني تغلق أنها تؤكد الدور الإعلامي المهم الذي أدته النقود في العصر الإسلامى في التعبير عن كثير من مظاهر الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والدينية والمذهبية للدول التي أصدرتها بصفتها وسيلة مهمة من أهم وسائل الإعلام في ذلك العصر، وشارة من شارات الملك والسلطان التي حرص كل حاكم على اتخاذها بمجرد توليه الحكم. ومن ثم كانت النقود الإسلامية مصدراً مهماً من مصادر دراسة التاريخ والحضارة الإسلامية لكونها وثائق صحيحة يصعب الشك فيها.


منقووووووووووووووووووووووووووول


التوقيع: wissam



مسكوكة ذهبية تذكارية بمناسبة تأسيس دولة بني تغلق بالهند 2410


الأربعاء فبراير 15, 2017 5:28 pm
المشاركة رقم: #
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فعال
الرتبه:
عضو فعال
الصورة الرمزية

Ahmad12

البيانات
عدد المساهمات : 387
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/02/2017

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:

مُساهمةموضوع: رد: مسكوكة ذهبية تذكارية بمناسبة تأسيس دولة بني تغلق بالهند


سلمتم على روعة طرحكم
نترقب المزيد من جديدكم الرائع
دمتم ودام لنا روعة مواضيعكم

جزآكم الله خيرا
\








الأربعاء فبراير 15, 2017 9:31 pm
المشاركة رقم: #
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فعال
الرتبه:
عضو فعال
الصورة الرمزية

امين

البيانات
عدد المساهمات : 1929
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/11/2016

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:

مُساهمةموضوع: رد: مسكوكة ذهبية تذكارية بمناسبة تأسيس دولة بني تغلق بالهند


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انجاز رائع ومواضيع مميز وابداع راقي
سلمت وسلمت الايادي التي شاركت وساهمت في هذا الطرح الجميل
بارك الله بك ولا تحرمنا من ابداعاتك وتميزك المتواصل
واصل في كل ما هو جديد ومفيد لديــــــــــــــك
فنحن بانتظار جديدك الرائع والجميــــــل
كوجـودك المتواصـل والجميـل معنا
تحياتـــي الحــاره
-أخــوكم ابو المجد








الإشارات المرجعية


التعليق على الموضوع بواسطة الفيس بوك

الــرد الســـريـع
..


مواضيع ذات صلة


تعليمات المشاركة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة




 ملاحظة: جميع آلمشآركآت آلمكتوبه تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ , ولا تعبّر بأي شكل من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى



language  

Powered by vBulletin Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2020, Jelsoft Enterprises Ltd
تحويل و برمجة الطائر الحر لخدمات الدعم الفني و التطوير