مــجــهــولــي الـهـويّــة
►( مــجــهــولــي الـهـويّــة !..)◄
كالغريقِ في البحر يبحث عن قشّةٍ ليتعلّق بها علّه يُحالفه الحظّ و ينجو من غرقه ،
كذلك نحن و حالنا بهذه الدنيا! ، في عديد المرّاتِ نزهو ، نمرح و نلعب و كأن الحياة
ملك يميننا ، و كأنّنا أشباهُ فراشاتٍ تتنقّل من زهرة لأخرى تتغذى على رحيقها الذي
تجني من ورائهِ الشّهد ، نعيش لحظاتٍ و كأنّنا في حدائق خضراء غنّاء ..
في حين تمرّ علينا أخرى -اللّحظات- نكون أشباهُ أحياء في وسطٍ تملؤه الضّوضاء ،
غير أننا لا نحسّ و لا نشعر بشيء ، و كأنّنا في عزلة عن الواقع أو كأنّنا
في كوكبٍ غير الذي نحن نعيش به و نتواجد عليه! ..
حين نبصرُ أنفسنا على غير عادتها ، كلّ الأمور من حولنا مختلطة و منقلبة
رأساً على عقبْ ، حين نُمعِن النّظر لأنفسنا في المرآة فنُبصرُ وجوهاً غير التّي ألِفنـاهـا،
حين نفكّر فتصدرُ من دواخلنا أفكاراً غير التي تعوّدنا عليها ، حين نُقبلُ
على الكتابة فلا نفقه السُّبُلَ التي إعْـتدْنـاهـا ، حين نفقد التّركيز و نستسلمُ
لشتاتِ الأفكار فينا ، حين نرى الحياة بغير لونها المُعتاد و يتحوّل كلّ ما لنا
وينعكسُ علينا ، حين نُبصرُ أنفسنا في أسْرِ زوايا أركان بيوتنا ، سجنٌ
قد يكون مؤقتاً! ، و قد يبقى طول العمْرِ ملازماً لنا!..
نعيشُ في زمانٍ غير زماننا ، نحسّ بمشاعر غريبةً تقيّدنا ،
نعيش بمكان غير مكاننا ، و كأننا غرباءٌ عن ذواتنا ،
أو منفيّين عن بـلادنا! ..
لكنّ الحقيقة مهما قلناها و وصفناها فلن نصل أبدا لحقيقة معناها،
متاهة تشـرّدُ أذْهـاننـا .. دوّامة تقتحمنا بين الفينة و الأخرى ، أشبهُ بريحٍ عاتية تسعى
لإقتلاعنا من أصولنا ، لنعيش بقيّة أعمارِنا مَجْهُــولــِي الـهـويّـــة !..
***
فيـا قاريء أسطري ..
هل عشت حقيقة ولو لمرة واحدة في حياتك إحساس المتاهة؟
هـل أيْـقـنْـتَ أنّـك تتغلـغل لِـتـغْـرقْ فـي بحـرِ الدّوّامــة؟
هل تذوّقت حقاً مرارة و شقاءَ و عنـاءَ البحثِ عن ذاتك ؟
و أحسست أنّك غريباً !.. مجهولاً دون هويّة؟!
يا ترى هل هي حقيقة أم سرابْ ؟
وهل هي واقع أم مجرّد صراعٍ قـائمْ بدواخلنا أدّى إلى إنقلابْ؟
فهل لكم بذكرِ الأسبابْ ؟
فـإنّـي كـتبْـتُ إليكـمْ ،
و لكمْ و للنّقاش قد فتحتُ الباب..