من وحي سيرة الفنان الألماني ف.ز.ميسرشمت كلما قلت له : أنت محير ، ألمح على وجهه مسحة قلق خفيف ، ولكنه يبتسم ، ولا يقول شيئا … جلس الى جانبي ذاك المساء ، طلب قهوة ، أشعل سيجارة… ثم قال لي :هل تريد أن تعرفني ؟ قلت : تلك أمنيتي … -انهض اذن ، قال وسرنا … ما أن دخلنا بيته الصغير ، حتى مد الي قناعا وباروكة ، وقال لي : أنظر الى تلك المرآة أمامك ،وقل ماذا ترى … نظرت وقلت : أرى شخصا آخر… ابتسم وقال :بداية طيبة ، اتبعني …وسرنا الى عمق البيت ، حيث مرسمه الصغير… فاجأتني تماثيل عديدة لرؤوس،منها ما هو مغطى بالشعرالأبيض أو الأسود ، ومنها ماهو أصلع ، بعيون ، منها الواسع ومنها الضيق ، وأنوف طويلة متغضنة ومتقوسة ،وأفواه تارة مغلقة وتارة مفتوحة ، تتدلى من بعضها ألسنة رقيقة كألسنة الثعابين… بعض الوجوه توحي بالفرح والارتياح ، والبعض الآخر يوحي بالعبوس والتأفف … ولما سألته عن السر في وجود تلك الشفاه المزمومة على ذلك النحو الصارم ، أجاب بأنه يجب على الانسان أن يخفي الجانب الأحمر من شفتيه … ولما سألته لماذا ؟ ضحك وأجاب : هذا الذي يجب ان تفكر فيه … وأضاف : أعرفتني الآن؟ نظرت اليه واكتفيت بالابتسام…