الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد واله وازواجه وصحبه ومن اهتدى بهديه واقتفى اثره الى يوم الدين ..... وبعد
عن أبى عبدالرحمن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه ، قال : حدثنا رسول الله صلَّ الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال : " إن أحدكم يجمع خلقه فى بطن أمه أربعين يومانطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل إليه الملك ، فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه واجله عمله ، وشقى او سعيد ،فوالله الذى لا إله غيره إن احدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهلالنار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها " ( رواه البخارى ومسلم .)
شرح الحديث :
**********
هذا الحديث متفق على صحته وتلقته الأمة بالقبول .
قوله صلَّ الله عليه وسلم " يجمع خلقه فى بطن أمه أربعين يوما نطفة " : النطفة اى المنى.
وقوله "ثم يكون علقة مثل ذلك " : يعنى أربعين يوما . والعلقة : قطعة من دم .
" ثم مضغة مثل ذلك " : يعنى أربعين يوما .
والمضغة :قطعة من لحم .
" ثم يرسل الله إليه الملك فينفخ فيه الروح ،ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقى أو سعيد " : يدل ذلك على أنه يتقلب فى مائة وعشرين يوما فى ثلاثة اطوار فى كل أربعين يوما منها يكون فى طور ،فيكون فى الأربعين الأولى نطفة ، ثم فى الأربعين الثانية علقة ، ثم فى الأربعين الثالثة مضغة ، ثم بعد المائة وعشرين يوما ينفخ فيه الملك الروح ويكتب له هذاالاربع كلمات ، وقد ذكر الله تعالى فى القرآن فى مواضع كثيرة تقلب الجنين فى هذه الأطوار فقال فى سورة المؤمنون : " ( وَلَقَدْخَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مّن طِينٍ، ثُمّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مّكِينٍ، ثُمّ خَلَقْنَا النّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَة َمُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُم ّأَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [سورةالمؤمنون: 12-14.]
وفى لفظة" ثم " : يراد بها ترتيب الأخبار لا ترتيب المخبر عنه فى نفسه وبكل حالف هذه الكتابة التى تكتب للجنين فى بطن أمه غير كتابة المقادير الثابتة لخلق الخلائق المذكورة فى قوله تعالى : " مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ " ....الآية .
كما فى ( صحيح مسلم ) : عن عبد الله بن عمرو عن النبى صلَّ الله عليه وسلم قال : " إن الله قدر مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة"
وحديث ابن مسعود فيه : إن السعادة والشقاوة بحسب خواتيم الأعمال،
ومن هنا كان الصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح يخافون على أنفسهم النفاق ويشتد قلقهم وجزعهم منه .
وفى هذا المعنى احاديث كثيرة منها مارواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو سمعت رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يقول : " إن قلوب بنى آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن عزوجل كقلب واحد يصرفه حيث يشاء " ثم قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم :" اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك " .
هذا وبالله التوفيق .
" اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا يا ربنا سببا لمن اهتدى "