لو أن جبرائيل (ع) جاء بمقدمات مقنعة، أو آيات، أو بعض الهبات الإلهية، وبعض البشائر مثلا؛ لما كان الامتحان بهذا المستوى.. وإنما هو مجرد منام رآه هذا النبي {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}.. ومنام الأنبياء كاليقظة حجة، فإبراهيم (ع) يؤمر أمرا لم يتعارف عليه في تاريخ البشرية، من مجرد منام.. فلم يقال لإبراهيم: سلّم ولدك لملك من ملائكة الله ليذبحه، لكن طُلب منه أن يذبحه بنفسه وبيده.. والإنسان لا يعلم، هل يتعجب من فعل وفاعلية إبراهيم، أو من قابلية إسماعيل.. فإبراهيم نبي له تاريخ وسابقة في المجاهدة، وقد رأى النصرة الإلهية في حياته، وخصوصا إذا كان هذا عقب إلقائه في النار.. ولكن ما بال هذا الغلام، الذي لم يمر بتجارب، وإذا به يقول {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}، وليس لما تراه من المصلحة.. يقول: لا أزكي نفسي، وأنا في مقام الاستعداد لقبول الأمر الإلهي.. ولكن هذا الأمر يحتاج إلى إمداد إلهي {سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}