بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :- (( الاعجاز العلمي في قوله والبحر المسجور ))
أنزل الله تعالى القرآن الكريم على رسوله محمد -عليه الصلاة والسلام- ليكون الكتاب الذي يهتدي به المسلمون ويأخذون منه أحكام الدين ويتعبدون في تلاوته، وقد نزل القرآن الكريم في ليلة القدر، في شهر رمضان المبارك، وتضم آياته الكثير من الإعجاز العلمي والبياني الذي لا يوجد في كتاب غيره، ولا يستطيع الإنس والجن الإتيان بمثله ولو اجتمعوا، لهذا على المسلم تدبّر آيات القرآن الكريم، ومن فضل الله تعالى أن هذا الكتاب العظيم كتابٌ شامل وكامل محفوظ ليس فيه تحريفٌ أو تبديل، وهو صالحٌ لكلّ زمانٍ ومكان، وفي هذا المقال سيتم شرح الإعجاز العلمي في قوله والبحر المسجور
معنى الإعجاز العلمي في القرآن الكريم يُقصد بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم وجودُ حقائق علمية مذكورة في آيات القرآن الكريم لم تكن مكتشفة وقت نزول القرآن على النبي محمد -عليه الصلاة والسلام-، ولم يتوصل العلم الحديث إليها إلا مؤخرًا، منها مسائل علمية تتعلق بالإنسان ونشأته والكون والكواكب والنجوم والشمس، والكثير من الحقائق العلمية التي تتعلق بالكون الفسيح وما فيه، وقد جاءت الحقائق العلمية متطابقة مع ما توصل إليه العلم الحديث، وهذا دليل على استئثار الله تعالى بعلمه بالغيب وحده دون غيره، وأنه الخالق العظيم الذي خلق فأبدع، ويوجد الكثير من الأمثلة على هذا الإعجاز الذي لم ينطقه الرسول -عليه السلام- عن الهوى إنما هو وحيٌ من الله تعالى، وعلى الرغم من أن القرآن الكريم ليس كتابًا علميًا في الأصل، إلا أنه لم يُغفل ذكر الحقائق العلمية. الإعجاز العلمي في قوله والبحر المسجور
ورد في القرآن الكريم لفظ والبحر المسجور في قوله تعالى: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُور، وفي هذه الآية يُقسم الله تعالى بالبحر المسجور، وهو قسمٌ عظيم لم يكن يدركه الناس وقت نزول هذه الآية الكريمة، لأن ظاهرة البحر المسجور ظاهرة كونية طبيعية لم تُكتشف إلا مع تطوّر العلم، وقد أثبت العلم أنّ هذه الظاهرة حقيقية، فالبحر لغةً ضدّ البر، وسمي البحر بهذا لعمقه واتساعه، ولهذا فإن كل نهر عظيم وكبير يسمى بحرًا، أما وصف البحر بأنه مسجور فقد جاء هذا الوصف من الفعل سَجَرَ، ومعناه تهيّج النار، والبحر المسجور يعني الممتلئ بالماء والمكفوف عن اليابسة، الذي يكفه الله تعالى بقدرته كي لا يفيض على الأرض ويُغرق أهلها، فالله تعالى ذكر أنه أسجر قاع البحر حتى أصبح مكفوفًا، أي أوقد في قاعه نارًا عظيمة حتى حمي قاعه وأصبح مكفوفًا قادرًا على حمل الماء
وهذا ما أثبته العلم الحديث وهو أن قيعان البحار في الأصل كانت بها نيران كثيرة حتى أصبح قاعها حاميًا مسجورًا، ومن ثم تجمع بها الماء كي تظلّ مكفوفة وتحفظ الماء فيه ولا يغرق الناس، ولم يتم التوصل إلى هذه الحقيقة المذهلة إلا في العلم الحديث، على الرغم من أن الله تعالى ذكرها في القرآن الكريم في وقتٍ مبكر عجزت العقول عن إدراكه، وهذا دليلٌ دامغ على الإعجاز العلمي العظيم في آيات القرآن الكريم، لهذا فإنّ قراءة آية والبحر المسجور تُعطي عمقًا كبيرًا ينطوي على إعجازٍ علمي مذهل
مجالات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم
لا يقتصر الإعجاز العلمي على قوله تعالى: والبحر المسجور، إنما ورد في القرآن الكريم الكثير من صور الإعجاز العلمي والبياني التي لم توجد مجتمعة ولا متفرقة إلا فيه، وعلى الرغم من أن القرآن الكريم كتابٌ معجز فيه رسالة دينية خالدة، إلا أن الله تعالى جعل فيه الكثير من صور الإعجاز العلمي واللغوي والبياني كي يبهت الكفار في كلّ زمانٍ ومكان، وهذا دليلٌ على صدق نبوّة محمد -عليه الصلاة والسلام-، ومن مجالات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ما يأتي: عدم امتزاج مياه البحار مع بعضها، إذ إنّ المالح لا يمتزج مع العذب. نشأة الكون والنجوم والكواكب والنيازك والشهب وحركة الأفلاك. أطوار الجنين في بطن أمه. وجود ظاهرة الزوجية في كلّ شيء. قلة الأكسجين في الغلاف الجوي العلوي. الماء وعلاقته بحياة الكائنات الحية جميعها. التخاطب بين النمل، وتكوين جسم النمل. إعادة إحياء الأرض بعد موتها. الإعجاز في الحشرات والنباتات مثل النحل وتكوينه وطريقة صنعه للعسل. أهمية الإعجاز العلمي في القرآن الإعجاز العلمي في والبحر المسجور وغيره من وجود الإعجاز العلمي في القرآن الكريم مهم جدًا لأجل تثبيت الإيمان في قلوب الكثير من الناس، فالبعض لا يتثبت إيمانه إلا إذا رأى الحقائق والمعجزات أمامه، وعلى الرغم من أنّ العلم قد تطور مؤخرًا فقط، ولم يكن بهذا التطور وقت نزول القرآن الكريم، ألا أن وجود الحقائق التي تم إثباتها في الوقت الحالي مهم لأهل هذا الزمان كي يعلموا بصدق نبوة محمد -عليه الصلاة والسلام-، إذ يقول الله في القرآن الكريم: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}، وبالفعل فإن الكثير من الناس والعلماء دخلوا في الإسلام وتثبت إيمانهم لأنهم أدركوا أنّ الحقائق العلمية الموجودة في القرآن الكريم هي إعجازٌ لا يمكن أن يأتي به بشر لأنها كانت في علم الغيب، ممّا أصاب العلماء بالدهشة الكبيرة، خصوصًا أن صور الإعجاز العلمي هذه لم تكن مقتصرة على واحدة أو اثنتين، بل جاءت في مواضع كثيرة وآيات متفرقة، ولم يتم اكتشاف الكثير منها إلى الآن، فالقرآن الكريم كتابٌ يصلح لكلّ زمانٍ ومكان، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.