الأركان الموضوعية العامة لعقد الشركة
لاحظنا أن التعريف يبدأ بعبارة ((الشركة عقد)) وكأي عقد آخر فانه يتطلب أركانا معينة لانعقاده وهذا ما يقتضي التوقف عند هذه الأركان، ثم بيان ما يتميز به عقد الشركة عن غيره من العقود ثم تلي ذلك مناقشة أهمية العقد في تكوين الشركة وحياتها.
يبنى عقد الشركة كغيره من العقود على الأركان المطلوبة لانعقادها وهي الرضا، والمحل، والسبب.
1 ـ الرضـــــا:
لا ينعقد عقد الشركة بغير رضا أطرافه، وإذا كان التعبير عن الرضا بالطريقة التي بينها القانون، دليل وجوده، فيشترط في هذا الرضا أن يكون صحيحا وتأتي الصحة في صدوره من كامل الأهلية، وخلو الرضا من عيوب الإرادة وهي حسب القانون الجزائري (الإكراه، الغلط، التدليس، الاستغلال) كذلك يقتضي أن يقع الرضا على كافة بنود العقد.
ويكون الرضا صادرا عن ذي أهلية عندما يقع من شخص أكمل التاسعة عشر من العمر بغير عارض من عوارض الأهلية ينقصها أو يعدمها (م40 من القانون المدني)، أما غير ذلك من الأشخاص فأما أن يكون
معدوم الأهلية: (م42 ق.م) وهو من لم يكمل الثالثة عشرة من العمر ويلحقه المجنون فتصرفاته باطلة ولا تلحقها الإجازة من الولي، ولكن يجوز للولي أو الوصي استثمار أموال معدوم الأهلية في شراء أسهم الشركات، والنوع الآخر من الأشخاص
ناقص الأهلية: (م43 ق.م) وهو من أكمل الثالثة عشرة لكن لم يتم التاسعة عشرة من العمر، ويلحق بذلك المصاب بعارض عقلي غير الجنون (السفيه وذو الغفلة). فلا يصح اشتراك هؤلاء في الشركات التي تؤدي المشاركة فيها اكتساب صفة تاجر، كذلك لا يحق لهم أن يكونوا مؤسسين في شركة مساهمة لأن مسؤولية المؤسسين تجاه المكتتبين تتجاوز حدود المشاركة برأس المال، فلم يتبق إلا نوع واحد من أنواع الشركات، هي الشركات المحدودة، والمشاركة في مثل هذه الشركات يعد من الأعمال الدائرة بين النفع والضرر، ويكون صحيحا، لكنه موقوف على إجازة الولي بعد أن يكمل الثامنة عشرة من العمر، ولا نرى ما يحول دون المشاركة بهذه الشركات على أن تقترن المشاركة بإجازة الولي أو الوصي، خاصة أن المسؤولية بمقدار المشاركة برأس المال وأنه يشترك مع أشخاص على معرفة بحاله لأن هذه الشركات من الشركات العائلية عادة.
النوع الأخير من الأشخاص هو القاصر المأذون له بالتجارة وهم من بلغوا 18 عاما ويؤذن لهم بمباشرة التجارة طبقا للقانون، لأن المأذون يعامل كأنه كامل الأهلية، وإذا قيل بأن الإذن على سبيل التجربة فلم لا تكون التجربة بتأسيس الشركات، حيث يشترك في الاتجار مع غيره بدلا من أن يكون منفردا في تجاربه.
وقد حسمت بعض التشريعات المشاركة في شركات الأشخاص، فاشترطت أن يكون متمتعا بالأهلية القانونية، فالمادة (9/5) من قانون الشركات الأردني تنص على أنه ((لا يقبل أي شخص شريكا في شركة التضامن إلا إذا كان قد أكمل الثامنة عشرة من عمره على الأقل))، وم28 من قانون الشركات اليمني.
2 ـ المحـــــل:
نتناول المحل على أنه ركن في العقد كما جرى عليه الفقه، ويتوزع المحل بين اتجاهين، اتجاه يرى المحل في الحصة التي يقدمها الشريك، واتجاه آخر يراه في غرض الشركة، ونذهب مع الاتجاه الأخير في كون المحل في عقد الشركة يتمثل بالنشاط الذي تزاوله، أما القول في كونه حصة الشريك، فيؤدي إلى تنوع المحل حسب نوع الحصة في الوقت الذي يفترض أن يكون موحدا في العقد الواحد. ويشترط في المحل أن يكون ممكنا ومعينا ومشروعا، وانعدام أحد هذه الشروط يؤدي إلى بطلان العقد، كالتعاقد على المستحيل، أو على ما يحرمه القانون.
3 ـ السـبــب:
يجب أن يكون للعقد سبب صحيح، فإذا كان العقد بلا سبب أو لسبب غير مشروع بطل العقد، ويفترض القانون وجود السبب عند عدم ذكره، كما يفترض مشروعيته، ومن يدعي خلاف ذلك مطلوب منه الإثبات..
منقول