حاجة المجتمعات للدين
حاجة المجتمعات للدين
إذا كان الفرد في أمس الحاجة إلى الدين، فإن حاجة المجتمعات للدين أشد وألزم؛ فالدين هو الدرع الواقي للمجتمع؛ ذلك لأن الحياة البشرية لا تقوم إلا بالتعاون بين أعضائها على الخير{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]
، ولا يتم هذا التعاون إلا بنظام ينظم علاقاتهم، ويحدد واجباتهم، ويكفل حقوقهم، وهذا النظام لا بد أن يكون من لدن لطيف خبير عليم بما يحتاجه البشر{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]
، وكلما حادت البشرية عن الدين وعن شرعه وأنظمته كلما غابت وغرقت في دياجير الشك والضلالة والتيه والحيرة والشقاء والتعاسة.
أثر قوة التدين على تماسك المجتمع واستقراره
فيليب حتّي
مؤرخ لبناني
الشريعة الحقّة
'الشريعة الإسلامية تفرق بين ما هو ديني وما هو دنيوي؛ إنها تنصّ على صلات الإنسان بالله، وعلى واجباته نحو الله، وتنظّمها كما تفعل بشأن صلات الإنسان بأخيه الإنسان، وجميع أوامر الله ونواهيه ـ فيما يتعلق بالأمور الدينية والمدنية وسواها ـ مثبتة في القرآن، وفي القرآن ستة آلاف آية أو تزيد يتعلق نحو ألف آية منها بالتشريع'.
وليس على وجه الأرض قوة تكافئ قوة التدين أو تدانيها في كفالة احترام النظام، وضمان تماسك المجتمع واستقرار نظامه، والتئام أسباب الراحة والطمأنينة فيه، والسر في ذلك أن الإنسان يمتاز عن سائر الكائنات الحية بأن حركاته وتصرفاته الاختيارية يتولى قيادتها شيء لا يقع عليه سمع ولا بصر، وإنما هو عقيدة إيمانية تهذب الروح وتزكي الجوارح وتجعله يراقب سرائره كما يراقب علانيته وجهره {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}[طه: 7]
، فالإنسان مُقاد أبدًا بعقيدة صحيحة أو فاسدة، فإذا صلحت عقيدته صلح لديه كل شيء، وإذا فسدت فسد كل شيء.