الأولى أن الصراع بين الحق والباطل والتدافع من أجل انتصار أحدهما على الآخر مستمر وهي معركة لا تنطفيء نيرانها ولا يخبوأ دارها في يوم من الأيام وأن هذا الصراع قد يشتد أحياناً فتظهر صورة بالصدام والاستعمار والتنكيل، وقد تهدأ إلى الحوار والدعوة فترسل الإرساليات التنصيرية ويرسل الدعاة إلى الله - تعالى - لإزالة الشبهات وإعادة الناس لدين الله أفواجا.
والحقيقة الثانية: أن سبب الخصومة بين الحق والباطل إنما هو تغاير العقيدة التي تنتج الاختلاف في التصور والنظم والأخلاق، فالذي يؤمن بالإله الواحد والمعاد والحساب والبعث والنشور والملائكة الكتبة والشهود يتحرك في حياته وفق هذه العقيدة وهو بلا شك يغاير تماما من يعيش لعيش ومن تتعدد عنده الآلهة ومن لا يؤمن بالجزاء ولا الحساب، ومن أجل ذلك فلا بد من تحرير مساحات شاسعة من عقول غير المسلمين مما استولى عليها من الخرافة والجهل.
ومن أجل ذلك فلا بد من تعبيد الناس لرب العالمين، وتحريرهم من الواقع المؤلم المزعج المادي الدنيوي إلى الآخرة الباقية، وإن دعوتك لأي إنسان إلى الإسلام يصب في كفة أهل الحق ويضعف أهل الباطل، وقد لا تستطيع الوصول والدخول لكل بيت في قطر عبر جغرافية العالم العريضة.
لكن مساهمتك في دعوة غير المسلمين مع لجنة التعريف بالإسلام توصلك إلى هذه الغاية، فلك أن تتصور إسلام الفليبيني والهندي والتايلندي والياباني والإمريكي والأوربي وأنه بإسلامهم قد تسلم أسرة بأكملها بالزوجة والأبناء ثم بقية الأهل، ومن ثم تكون سببا في دخول الإسلام إلى قرية وبلدة ذلك المسلم الجديد.
وقد صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ يقول : ((لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من الدنيا وما فيها)).
وقال - تعالى -: (أفمن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها).
نعم إن أهل الباطل أموات وأهل الحق أحياء.
وأذكر قصة لأحد الدعاة في مؤتمر إسلامي عقد بجنوب أفريقيا فحضره 16.000 مسلم وكان ممن حضر (4) منصرين فتعجبوا من الحضور ثم قال أحدهم: قد قضيت من عمري في جنوب أفريقيا أكثر من عشر سنوات ودفعنا الأموال والأدوية وبنينا المستوصفات وحفرنا الآبار وأنشأنا المدارس ووزعنا الطعام والمواشي والهدايا للناس ولم يتنصر إلا القليل القليل وأنتم في أشهر معدودة دخل في دينكم الآلاف فما هو السر؟
فأجابه أحد الدعاة إن دينكم المحرف ميت كالجنازة يحتاج إلى أربعة مثلكم ليحملوه، وأما ديننا فحيٌ عظيم لا يحتاج لأن يحمله أحد، بل يمشي ويدخل إلى القلوب كما ترى وتشاهد اليوم.