محبة الصحابة لرسول الله
قال الرسول صلى الله عليه وسلم :
«لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِن وَالِدِهِ ووَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»(رواه البخاري)
لا شك أن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الدين، بل ينتفي الإيمان عمن كانت محبة النبي صلى الله عليه وسلم عنده أقل مما سواه ،
قال الله تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )[التوبة:24]
ولقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم أمر الله عز وجل: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[آل عمران:31] بحب النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءت أقوالهم وأفعالهم مترجمة لذلك ترجمة عملية، فبذلوا أرواحهم وأموالهم رخيصة في سبيل الله وحبًّا لرسوله صلى الله عليه وسلم، تمثل ذلك الحب في مواقف عدة روتها لنا كتب السير، ومن ذلك:
وقد تبين حب الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم متمثلًا في حرصهم على كل شيء لمسه الرسول أو وضعه بيده، ومن ذلك أنه كان للعباس -رضي الله عنه- ميزاب [قناة يجري فيها الماء منصرفًا من أسطح الدُّور بعيدًا عن جدرانها] وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خارجًا من بيته متجهًا ناحية المسجد لصلاة الجمعة، فطال عمر بن الخطاب بعض الأذى بنزول ماء من الميزاب مختلط بدم، حيث كان العباس يذبح فرخين أعلى بيته.
فأمر عمر بن الخطاب بقلع الميزاب من مكانه، ورجع إلى بيته وبدَّل ثيابه وعاد وصلَّى بالناس، وبعد الصلاة أتاه العباس -رضي الله عنه- فقال: «وَاللَّهِ إِنَّهُ لَلْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم»
فقال عمر للعباس -رضي الله عنهما- : «وَأَنَا أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَمَا صَعَدْتَ عَلَى ظَهْرِي حَتَّى تَضَعَهُ فِي المَوْضِع الَّذِي وَضَعَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم» ففعل ذلك العباس. (رواه أحمد).