ما ينتشر اليوم عن " معجزات الطبيعة " ! رقم الفتوى : 102056
السؤال انتشرت في الآونة الأخيرة عبر المواقع والمنتديات مواضيع تحتوي على صور وملفات صوت وفيديو تعبر عن معجزات .. كخروج نافورة من الرمال في الصحراء ، وظهور لفظ الجلالة على جلود الماعز .. وسحابة ترسم لفظ الجلالة ، والفتاة التي تحولت إلى حيوان .. ومعظم هذه الأشياء تكون غير صحيحة وملفقة .. وهذه الأشياء منتشرة جدا . فما هو الحكم في مثل هذه الأشياء ؟
نص الجواب
الحمد لله
آيات الله في هذا الكون كثيرة ، فكل ذرة فيه تشهد له سبحانه بالعظمة والجلال ، وتنطق له بالوحدانية . قال الله عز وجل : (حم . تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ . إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ . وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ . وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ . تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ) الجاثية/1-6
وهكذا جاءت دعوة التأمل والتدبر في عشرات الآيات في القرآن الكريم ، تحث على النظر في آيات الكون الظاهرة للعيان ، لتتفكر فيها فترجع منها باليقين بالخالق ، وبالإيمان بوحدانيته سبحانه . والسمة المشتركة بين هذه الآيات هي الظهور للعموم ، فالسماء والأرض والجبال والشمس والقمر والأنعام والمطر والنفس وغيرها ، كلها آيات يشترك في رؤيتِها ومعرفتِها جميعُ البشر ، ويتمكن كل إنسان من إدراك عظمتها ودلالتها على الرب الخلاَّق ، وإن كان فيها للعالِم مِن الأسرار التي يختص بها دون العامي ، ولكنها باديةٌ للجميع ، يستخرج منها كلٌّ بِحَسَبِهِ .
أما ما ينتشر اليوم من حديث عن " معجزات الطبيعة " ومنها الأمثلة التي ذكرها السائل ، فمن حيث قدرة الله تعالى ، فإن الله على كل شيء قدير ، كظهور لفظ الجلالة على جلود الماعز أو على بيضة ، أو مسخ بعض الناس . بل نؤمن بأن المسخ سيقع ، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم . فقد روى الترمذي (2212) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَتَى ذَاكَ ؟ قَالَ : إِذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتْ الْخُمُورُ ) صححه الألباني في صحيح الترمذي .
هذا بالنظر إلى قدرة الله تعالى ، وأما بالنظر إلى وقوع هذه " المعجزات " ! فإن أكثر ما ينتشر اليوم منها لا حظَّ له من التوثيق والتوكيد ، وأغلب ما يتناقله الناس منها إنما هي أحاديث مجالس ، وصور منتديات ، لا يُدرَى مصدرُها ولا منشؤُها . أفبمثل هذه الحكايات يحتج المسلم على صحة دينه وعقيدته ؟! وهل نقصت عنه أدلة الفطرة واليقين كي يلجأ إلى تلك الإشاعات ؟!
والموقف الصحيح من هذه الأخبار ، هو التوقف فيها ، فلا نصدقها ، لاحتمال أنها كذب ، ولا نكذبها ، لاحتمال أنها صدق ، ما لم يكن عندنا دليل واضح على صدقها أو كذبها فنجزم به حينئذٍ . فينبغي على المسلم العاقل – الذي يعي ضوابط التلقي والاستدلال – التأني في الإيمان بها والتصديق لها ، فضلا عن نشرها ودعوة الناس إلى التسبيح بعجبها .
غير أن الذي وقع خلاف ذلك ، حيث انساق كثيرون وراء هذه " الحكايات " ، فراحوا ينشرونها ويتحدثون بها في المجالس ، ويتناقلونها في جوالاتهم ورسائلهم ، ثم يفاجؤون بعد أيام أنها كذب مصنوع مختلق ، نشره بعض المتحمِّسين للدين - جهلا وسذاجة - ، أو بعضُ الملحدين الحاقدين - استهزاءً وسخرية - ، مما كان السببَ في فتنة الكثيرين ، والله المستعان.
فالذي ننكره هو التسرع في إثباتها ، وإلباسها لَبوس الإعجاز والتحدي ، ودعوة الناس إليها ، واتخاذها شكل الظاهرة المتفشية التي لا حدود لها ، فكل يوم يحمل منها قصة جديدة وحكاية.
حتى وصل الحال إلى صور من السخافة التي يترفع عن تصديقها العقل السليم ، ترى ذلك في حكاية " صوت زئير الأسد " الذي يسمع فيه بعضهم - شططا وتكلفا - صوت لفظ الجلالة . وأشنع من ذلك وأسوأ : ما بلغ في بعض البلاد من التبرك والتمسح والاستشفاء بشجرة ظهر على جذعها لفظ الجلالة ، ثم تبين بالبحث أنه منحوت بفعل فاعل يريد إضلال الناس .
فعلى المسلمين التوقف عن ترويج مثل هذه الشائعات ، التي قد تكون سبباً لإضلال الناس . ونسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا . والله أعلم .
هو لم ينكرها وفي نفس الوقت لم يصدقها الا انه ذكر الحكم الشرعي في مثل هذه الظواهر لاحتمالها الصدق أو الكذب فإن صحت فهي اية من ايات الله ومما يستأنس به وإن لم تصح فالمسلم وقتها يكون قد نأى بنفسه وبدينه عن ذلك
فما اشارت اليه الفتوى
الموقف الصحيح من هذه الأخبار ، هو التوقف فيها ، فلا نصدقها ، لاحتمال أنها كذب ، ولا نكذبها ، لاحتمال أنها صدق ، ما لم يكن عندنا دليل واضح على صدقها أو كذبها فنجزم به حينئذٍ . فينبغي على المسلم العاقل – الذي يعي ضوابط التلقي والاستدلال – التأني في الإيمان بها والتصديق لها ، فضلا عن نشرها ودعوة الناس إلى التسبيح بعجبها . فالذي ننكره هو التسرع في إثباتها ، وإلباسها لَبوس الإعجاز والتحدي ، ودعوة الناس إليها ، واتخاذها شكل الظاهرة المتفشية التي لا حدود لها ، فكل يوم يحمل منها قصة جديدة وحكاية كتب:
هو لم ينكرها وفي نفس الوقت لم يصدقها الا انه ذكر الحكم الشرعي في مثل هذه الظواهر لاحتمالها الصدق أو الكذب فإن صحت فهي اية من ايات الله ومما يستأنس به وإن لم تصح فالمسلم وقتها يكون قد نأى بنفسه وبدينه عن ذلك