مسائل النحو الخلافية فى ألفية ابن مالك
أولا: الاتفاق .
لم أجد في ألفية ابن مالك تصريحا للإجماع إلا في ثلاثة مواضع :
الأول : قوله :
وفي جميعها توسط الخبر ** أجز ،وكل سبقه دام حظر
قوله : وكل سبقه دام حظر ،أي : كل النحاة منعوا تقدم خبر دام الناقصة علي (دام ) وعلى (ما) التي قبل (دام )كما وضحه الشراح .
أما سبق الخبر على دام فقط دون الاسم فمنعه غير مجمع عليه كما أشار إليه ابن عقيل.
الثاني :
وباتفاق قد ينوب الثاني من** باب كسا فيما التباسه أمــن
نقل ابن مالك هنا اتفاق النحاة في جواز نيابة المفعول الثاني من باب كسا: (ما ينصب فعلين ليس أصلهما المبتدا والخبر )،وذلك نحو : كسي الفقيُر ثوبا ،فيجوز أن يقال : كسي الفقيرَثوبٌ .
هذا إذا لم يحصل لبس ،أما إذا حصل نحو : أعطيت جابرا هاشما ،فلا يجوز إنابة الثاني لئلا يحصل لبس ؛لأن كلَّ واحد منهما يصلح أن يكون آخذا .
تنبيه : اعترض بعض الشراح على ابن مالك نقله للاتفاق على جواز نيابة الثاني إذا أمن اللبس . لأن الكوفيين يوجبون نيابة الأول إذا كان معرفة ،نحو: أعطي خالد كتابا.
ابن عقيل(1/465) ودليل السالك (1/353).
الثالث : قوله :
وقصر ذي المدِّ اضطراراً مجمع ** عليه والعكس بخلف يقع
أي لا خلاف في جواز قصر الممدود ضرورة ،نحو : ............
لا بدَّ من صنعا وإن طال السفر
وشواهده كثيرة.
تنبيه : هناك مواضع فيها إشارة لاتفاق النحويين أو لغلبة هذا الرأي عليهم دون تصريح ومنها :
1- ومنعوا اتباع نحو ذروة ** .................
2- والحذف في نعم الفتاة استحسنوا **..............
وإسناده للنحاة بضمير الجمع لا يقتضي الاتفاق ،فقد ورد في الألفية أنه يستعمل ضمير الجمع مشيراً للنحاة وليست المسألة متفقا عليها ،كما في قوله :
ورفعوا مبتدأ بالابتدا **كذاك رفع خبر بالمبتدا
ومعلوم الخلاف الطويل الذيل في رافع المبتدأ والأقوال الأربعة فيه فإسناده إلى النحاة بضمير الجمع لا يعني الاتفاق ،وربما أراد ضمير الجمع بالعرب وبالنحاة معا.
ثانيا : الخلاف .
وأما تعرض ابن مالك للخلاف النحوي في كتابه تنصيصا أو إشارة فكثير ،وسأنقل هنا ما ظهر لي من النظم مع اختصار في شرح المسألة لأن تفصيل المسائل الخلافية يخرج بنا عن الغرض المطلوب وهو ذكر رؤوس المسائل على وجه الاستقراء ،وهي :
1- قوله :
ومنع سبق خبر ليس اصطفي ** ..............
المسألة : سبق خبر ليس عليها .وفيه قولان : القول الأول : منع سبق خبر ليس عليها ،وهو قول الكوفيين ،وأكثر المتأخرين ومنهم المصنِّف . القول الثاني : الجواز، وهو قول الفارسي وغيره .
2- قوله :
والثاني أولى عند أهل البصرة ** واختار عكسا غيرهم ذا أسره
المسألة : العاملان المتنازعان في معمول لا خلاف بين البصريين والكوفيين أن كل واحد منهما يستحقُّ العمل في ذلك الاسم الظاهر ،ولكن اختلفوا في أيهما أولى :
فذهب البصريون إلى أن الثاني أولى به ؛لقربه .
والكوفيون إلى أن الأول أولى به ؛لتقدمه . والمراد ب(ذا أسرة ) الكوفيون .
3- قوله :
ولسوى سوى سواء اجعلا ** على الأصح ما لغير جعلا
المسألة : سوى : هل هي أدات استثناء أم ظرف، فيه خلاف وسيبويه والجمهور على أنها ظرف ،ويرى ابن مالك أنها أدات استثناءكـ(غير) كما أشار إلى الخلاف في قوله: (على الأصح ).
4- وجمع تمييز وفاعل ظهر ** فيه خلاف عنهم قد اشتهر
المسألة: هل يجوز الجمع بين فاعل نعم وبئس الظاهر وبين التمييزنحو : نعم الصديق صديقا الكتاب .المسألة فيها خلاف والأقوال ثلاثة : المنع ،والجواز ،والثالث يفصل فيقول: إن أفاد التمييز فائدة زائدة على الفاعل جاز ،نحو:
نعم الرجل فارسا خالد ،وإلا فلا .
5- قوله :
و(ما) مميِّز وقيل فاعل ** في نحو: نعم ما يقول الفاضل
المسألة : اختلفوا في (ما) التي في نحو قوله 
بئسما اشتروا به أنفسهم )،فذكر ابن مالك هنا قولين : قول يرى :أنها فاعل نعم. والثاني: يرى أنها نكرة منصوبة على التمييز،والأقوال أكثر.
6- وإن يفد توكيد منكور قبل ** وعن نحاة البصرة شمل
المسألة : اختلفوا في توكيد النكرة فذهب البصريون إلى منعه مطلقا ،واختار الكوفيون وتبعهم المصنف إلى أنه : يجوز توكيد النكرة إذا كانت محدودة ؛لحصول الفائدة نحو : صمت شهرا كله.
7- وفصله بظرف أو بحرف جر ** مستعمل والخلف في ذاك استقر
المسألة : هل يجوز الفصل بين فعل التعجب ومعموله بالظرف والجار والمجرور ؟
فيها خلاف : المنع وهو قول الأخفش ،ونقل عن سيبويه. الثاني : الجواز وهو القول الراجح المشهور .
8- ...............** عليه والعكس بخلف يقع
المسألة : مدُّ المقصور مختلف في جوازه ،فذهب البصريون إلى منعه ،ورأى الكوفيون إلى العكس وهو الجواز .
9- ونقل فتح من سوى المهموزلا يرا** ه بصريٌّ وكوف نقلا
المسألة : نقل الفتحة من الساكن غير المهموز فيه خلاف ،فيرى الكوفيون جوازه ،نحو : هذا الضَّرَبْ ،ورأيت الضَّرَبْ ...... أما البصريون فلا يجيزون النقل إلا في المهموز ،نحو : الخَبَءْ.
وهناك مواضع ثلاث نقل ابن مالك فيها الخلاف ثم أبدى ترجيحه في المسألة صريحا ،مخالفا للجمهور تارة ،ووللبصريين تارة أخرى وهي :
10- وصل أو افصل هاء سلنيه وما ** أشبهه في كنته الخلف انمتى
إذا كان هناك عامل ناسخ – كان أو احدى أخواتها - يعمل في ضميرين جاز الاتصال والإنفصال في الثاني ،وأيهما يختار ،فيه خلاف :
فسيبويه يختار الإنفصال لأنه ورد عن العرب ،كما في شعر عمر ابن أبي ربيعة .
وابن مالك يختار الاتصال لأنه الأصل ،ومؤيد بالحديث الشريف .
11- كذاك خلتنيه واتصالا ** أختار غير اختار الإنفصالا
وهذه المسألة أيضا في الضمير المنصوبين بفعل ناسخ – باب ظن – فيجوز الاتصال والإنفصال ،وفي المختار منهما الخلاف السابق رأي ابن مالك الاتصال ،وغيره- سيبويه ومن تبعه - يرون فيها الاتصال كسابقتها .
12- وسبق حال ما بحرف جرّ قد ** أبو ولا أمنعه فقد ورد
إذا كان صاحب الحال مجرورا بحرف جر ،نحو:
جلست في المكتبة مرتبة ،ففي تقديم الحال عليه قولان:
الأول : لا يجوز ،وهو قول الجمهور .
الثاني : أنه يجوز ،وهو قول جماعة منهم الفارسي ،وابن جنِّي ،ومنهم ابن مالك ،واستدلوا بالسماع منه قوله تعالى : ( وما أرسلناك إلا كافَّة للناس ) فكافة حال من (الناس ) على رأيهم.
13- وعود خافض لدى عطف على** ضمير خفض لازما قد جعلا
وليس عندي لازما إذا قد أتى ** في النظم والنثر الصحيح مثبتا
إذا كان المعطوف عليه ضميرا مجروراً بحرف أو بمضاف ،فيفصل بين المتعاطفين بإعادة عامل الجرِّ مع المعطوف ،نحو : ماعليك وعلى زيد حرج إن جئتماني . ومنه قول الله تعالى :
(............ فقال لها وللإرض ائتيا طوعا أو كرها ) .
هذا هو رأي الجمهور ا،لكن يرى الكوفيون – واختاره ابن مالك – أن ذلك ليس بلازم وأن السماع ورد بالعطف على الضمير دون إعادة الجار . وجعل منه قوله تعالى:
(واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ) قراءة حمزة .
وقول الشاعر :
* فاذهب فما بك والأيامِ من عجب
وبهذا يكون عدد إشارات ابن مالك للخلاف في نظمه الألفية 13 سواء رجح أم لم يرجح
والمسائل الخلافية في الألفية أكثر من هذه بكثير لكن كما كان شرطنا أن نعدِّد ما صرح به ابن مالك في المتن ولو بإشارة .
استقراءات أخرى في متن الألفية
1- أصعب أبيات الألفية حفظا.
وأما من أصعب أبيات ألفية ابن مالك فهذا نسبي يخضع لذوق الشخص وفهمه ،لكن هناك أبيات تذكر أنها الأصعب من حيث الحفظُ منها ،قوله :
طا تا افتعال ردَّ إثر مطبق** في ازدان وازدد وادَّكِر دالا بقي
وفي اسم است ابن ابنم سمع ** واثنين وامرىءوتأنيث تبع
2- أصعب أبيات الألفية معنى .
وأما أصعب أبيات ألفية ابن مالك من حيث المعنى،فمن الأبيات التي يذكرون أنها الأصعب من حيث المعنى :
1- أي كما وأعربت ما لم تضف ** وصدر وصلها ضمير انحذف
2- وأبرزنه مطلقا حيث تلا ** ما ليس معناه له محصلا
3- نحو أظن ويظناني أخا ** زيدا وعمرا أخوين في الرخا
4- وافتح وردَّ الهمز يا فيما أعل ** لاما وفي مثل هراوة جعل
3- تعرض ابن مالك لذكر الأعلام .
لم يتعرض ابن مالك في كتابه لذكر علم من العلماء إلا :
1- سيبويه شيخ النحاة : عمرو بن عثمان بن قنبر ،وذلك حين قال :
والعجز احذف من مركب وقل** ترخيم جملة وذا عمرو نقل
منقول
مسائل النحو الخلافية فى ألفية ابن مالك
موضوع: مسائل النحو الخلافية فى ألفية ابن مالك
