الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ]. " إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته". ما زلنا نبحث عن وسائل متعددة لإصلاح الأسرة المسلمة، هذه الأسرة التي هي: مفتاح الهزائم ومفتاح الانتصارات، فبقدر ما تكون قريبة من الإسلام، فإنها تكون سعيدة منتجة، وبقدر ما تكون بعيدة عن الإسلام: تكون شقية متفرقة. ذكرنا نقاطا: • تخفيف مثيرات الشهوة في البيوت. • إشاعة ثقافة المصارحة في البيوت. • إشاعة ثقافة الشورى في البيت. يقول صلى الله عليه وسلم:" إذا أراد الله عز وجل بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق". إسناده جيد. عندما ندخل إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ونرى طريقة معاملته مع زوجاته وأسرته: نجد هناك ثقافة أساسية في حياته ومحوراً أساسياً في حياته، وهي: ثقافة الرفق، فقد وردت أحاديث كثيرة في فضل الرفق منها: ما رواه الإمامان البخاري ومسلم:" إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله". ما رواه الإمام مسلم:" إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف". ما رواه الإمام مسلم:" إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه". قال البخاري:"الرفق هو: لين الجانب بالقول والفعل"، وهو ضد العنف. ومن الملاحظ أيها الكرام: أن أغلب أحاديث الرفق ترويها أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، وفي هذا إشارة إلى إشاعة ثقافة الرفق بين أطراف الأسرة جميعاً، وهم: الزوج والزوجة والأولاد. إن هذا الرفق والأخذ بلين الجانب في الأسرة: لا يخدش رجولة ولا يحط قيمة الرجل، بل بالعكس، إنه يرفع مكانة الرجل. لكن كثيراً من الرجال يفهمون الرفق فهماً خاطئا،ً ويظنون أن الرفق في الحياة الزوجية عبارة عن ذل وانكسار وخضوع للمرأة!!؟. فتراه أكثر الناس حواراً ونقاشاً خارج البيت. وتراه أكثر الناس ضحكاً وابتساماً خارج البيت. وتراه أكثر الناس حركة خارج البيت. إن من أهم صفات المجتمع المسلم هو: أنه مجتمع يحل مشاكله عن طريق التفاهم، وهذه صفة ملازمة للمجتمع المسلم، فلا يمكن بحال من الأحوال أن تنفك عنه، و يجب أن تكون ملازمة للأسرة المسلمة، لأنها اللبنة الأولى فيه. لكن كثيراً من الرجال يلجؤون إلى حل مشاكلهم الزوجية عن طريق العنف مع أن الإسلام أكد على الرفق، ونهى عن ظلم الزوجات ومعاملتهن بقسوة، وصرح أن شرار الأزواج هم الذين يضربون زوجاتهم كما ورد في الحديث الشريف وكثير من الرجال يحاولون أن يسدوا ثغرة ضعفهم في البيت وطريقة إقناعهم عن طريق القوة العضلية!!؟. لذلك كانت هناك دراسة اجتماعية تؤكد على سيطرة النساء على الرجال بعد بلوغ الرجل 65 عاما، ولوحظ أن أغلب هؤلاء الرجال كانوا يستعملون عضلاتهم في إقناع زوجاتهم. إن الرجل الذي يستعمل عضلاته في منع زوجته من أمر معين هو: إنسان ضعيف، وعليه أن يعيد ترتيب حياته، ويبحث جيداً في طريقة أخرى ليمنع زوجته من أمر معين، ولقد قال صلى الله عليه وسلم:" إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه...". فإنك إن أردت شيئاً من زوجتك أو أبنائك، فإن الطريقة الإسلامية المثلى هي المعاملة برفق. وقد دلت الدراسات أن الأسر التي تتعامل بالرفق هي: أكثر تماسكاً، بينما تزداد نسبة الطلاق من الرجال الذين يحاولون أن يحلوا مشاكلهم عن طريق عضلاتهم. إن إشاعة ثقافة الرفق أمر مهم في حياة كل مسلم، لأن لها فوائد عديدة، منها: 1. تستطيع أن تحصل على ما تريد من زوجتك وأولادك بالرفق. 2. يعلمك الصبر، لأن الله أمر بالصبر على الزوجة، والاصطبار عليها: " واصطبر عليها". 3. زيادة العلاقة بين أفراد الأسرة، وزيادة الترابط الأسري، فالكل يعلم أن القلوب حوله لها حنان خاص. 4. لا يخاف الأولاد من بعض التقصير أو الأخطاء، فيصارحون الآباء بذلك لعلمهم بالرفق والحنان. والله ولي التوفيق.