أن الأسرة باعتبارها الدائرة الأقرب للإنسان فإن حسن التعامل والاحترام في هذه الدائرة مهم جداً بالنسبة للإنسان وللأسرة التي ينتمي إليها. أن من السهولة أن ينفصل الإنسان عن أي علاقة خارجية تربطه بآخرين، بينما الانفصال في دائرة العلاقات الأسرية قد يصعب وذلك للمضاعفات التي يتركها الانفصال، وفي بعض الموارد لا يُمكن أن يتحقق الانفصال أبداً كالعلاقة بين الإنسان ووالديه، لذلك ورد التشديد في النصوص الدينية على ضرورة احترام هذه العلاقة ووجوب التعامل بأحسن الأخلاق بين أفراد الأسرة. ويأتي الوالدان في المرتبة الأولى في هذا الجانب، وفي القرآن الكريم قرن الله تعالى إخلاص العبودية له بالإحسان للوالدين في أكثر من موضع، يقول تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾. أن تطورات الحياة وضغوطاتها جعلت الكثير من الآباء والأمهات يعيشون عزلة عن أبنائهم مما يُسبب لهم الحرمان العاطفي، وهذا مما نهى الشارع المقدّس عنه، إضافةً إلى أن له آثاراً سلبية في الدنيا والآخرة، وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنه قال: ((من سرّه أن يمدّ الله في عمره، وأن يُبارك في رزقه فليبرّ والديه))، والقرآن الكريم صريحٌ في ذلك، يقول تعالى: ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا﴾. على الإنسان أن يغتنم فرصة وجود الوالدين فيشكر الله تعالى على هذه النعمة بالبر بهما، وخدمتهما، حتى وإن كان لديهما حدة في المزاج، فذلك من طبيعة تقدم السنّ في بعض الأحيان، يقول تعالى: ﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ﴾، وورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: ((وإن ضربك والداك، فقل غفر الله لكما)). حادثة مروّعة حصلت في محافظة القطيف حيث قام رجل يحرق والديه، فقضى بذلك على حياة والده، وأبقى والدته في المستشفى تُعاني من الحروق. أن المسالة قد لا تصل لمستوى الحرق الجسدي في غالب الأحيان، إلا أنها تصل إلى إحراق قلب الوالدين بالحسرات والآلام نتيجة الإهمال لهما وعدم التواصل معهما. العلاقة بين الزوج وزوجته، وبين الأب وأولاده، تنتشر ظاهرة العنف الأسري في المجتمع بشكل غير مسبوق، أن الزوجة والأولاد وديعة وأمانة ينبغي الحفاظ عليها. إن البعض من الناس يفصل بين قيامه بالأعمال الدينية والمستحبات، وبين تعامله الأسري، فتراه في الجانب الأول مهتماً ومتشدداً في بعض الحالات، بينما تجده في أسرته غليظ القلب، قاس في تعامله، وهذا ما نهى عنه الإسلام، يقول الإمام علي عليه السلام : ((ولا يكن أهلك أشقى الناس بك)). أن التعامل السيئ في العائلة يُنتج مضاعفات كبيرة على الزوجة وعلى الأولاد وبالتالي على الأسرة بكاملها أن المشاكل الأسرية في غالبها تحصل إما لسوء الأخلاق، أو بسبب ضغوط الحياة، أو لوجود ثقافة خاطئة عند الزوج أو الزوجة حول حقوق كل منهما تجاه الآخر. وقد سأل إسحاق بن عمّار الإمام الصادق : ما حق المرأة على زوجها الذي إذا فعله كان محسناً؟ قال : ((يُشبعها ويكسوها وإن جهلت غفر لها. كانت لأبي امرأة تؤذيه فيغفر لها)). تحوّل العلاقة بين الزوجين إلى علاقة تحدي بدل أن تكون علاقة مودة ورحمة وتعاطف، مصداقاً للآية الكريمة: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.