كيفية غسل الجنابة بالطريقة الصحيحة؟ وبعض الفتاوى بهذا الشأن
كيفية غسل الجنابة بالطريقة الصحيحة؟ وبعض الفتاوى بهذا الشأن؟!! ::
الحمدلله رب العالمين
أما بعد،،
فغُسْل الجَنابة له صفتان : صفةٌ مُجزِئَةٌ ، وصفةٌ كاملةٌ :
أما الصفةُ الْمُجزِئة فأَنْ يتمضْمَضَ ويستنشِق ويَعُمَّ بدَنَه بالماء ولو دُفعةً واحدةً ولو ينغَمِس في ماءٍ عميقٍ . وأمَّا الكاملة فهي أنْ يغسِل فَرْجَه وما تلوَّثَ مِن آثارِ الجَنابة ثُمَّ يتوضَّأ وُضوءاً كاملاً ثُمَّ يَحْثُو الماء على رأسه ثلاثاً حتى يروِيَه إلى أصول شَعْره ثم يغسل شِقَّه الأيمنَ ثُمَّ شِقَّه الأيسرَ .
وهذه مجموعة من الأسئلة حول الموضوع:
السؤال:
ما هو حكم الاغتسال عندما يقوم الشخص بإنزال المني مرتين متتاليتين في أوقات مختلفة علما أنه لم يغتسل في المرة الأولى هل يقوم بالغسل مرتين أم تكفي مرة واحدة عنها كلها ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا أنزل الرجل المني مرتين أو أكثر في أوقات مختلفة ، ثم اغتسل غسلا واحدا كفاه ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يطوف على نسائه ، ثم يغتسل غسلا واحدا ، كما روى مسلم (309) عَنْ أَنَس رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ .
وقد قرر الفقهاء أنه لو اجتمعت أسباب توجب الغسل كالجماع مرات ، أو التقاء الختانين مع الإنزال ، أو الجنابة مع الحيض ، فإنه يكفيه غسل واحد بالإجماع .
قال النووي رحمه الله : " إذا أحدث أحداثا متفقة أو مختلفة ، كفاه وضوء واحد بالإجماع ، وكذا لو أجنب مرات ، بجماع امرأة واحدة ، أو نسوة ، أو احتلام ، أو بالمجموع ، كفاه غسل بالإجماع . وممن نقل الإجماع فيه أبو محمد بن حزم والله أعلم " انتهى من "المجموع" (1/487) .
والله أعلم .
السؤال:
احتلمت وأنا صائم ، ولكني عندما استيقظت لم أر شيئا قد نزل مني ، فلقد حلمت دون أن أنزل ، فهل أغتسل وأكمل صيامى أم أكمل بدون اغتسال أم أفطر ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
من احتلم ثم لما استيقظ لم ير أثر المني في ثوبه فإنه لا يلزمه الاغتسال .
قال ابن قدامة في "المغني" :
إذَا رَأَى أَنَّهُ قَدْ احْتَلَمَ , وَلَمْ يَجِدْ مَنِيًّا , فَلا غُسْلَ عَلَيْهِ . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ...
وَرَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ ؟ قَالَ : (نَعَمْ, إذَا رَأَتْ الْمَاءَ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ , وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لا غُسْلَ عَلَيْهَا إلا أَنْ تَرَى الْمَاءَ اهـ .
ثانيا :
لا يبطل الصوم بالاحتلام لأنه يحصل بدون اختيار الصائم .
قال النووي في "المجموع" :
إذَا احْتَلَمَ فَلَا يُفْطِرُ بِالإِجْمَاعِ ; لأَنَّهُ مَغْلُوبٌ كَمَنْ طَارَتْ ذُبَابَةٌ فَوَقَعَتْ فِي جَوْفِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ , فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي دَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ( لا يُفْطِرُ مَنْ قَاءَ وَلا مَنْ احْتَلَمَ وَلا مَنْ احْتَجَمَ ) فَحَدِيثٌ ضَعِيفٌ لا يُحْتَجُّ بِهِ اهـ .
وقال في "المغني" (4/363) :
وَلَوْ احْتَلَمَ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ , لأَنَّهُ عَنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ , فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَخَلَ حَلْقَهُ شَيْءٌ وَهُوَ نَائِمٌ اهـ .
وسئل الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/276) :
عن شخص نام في نهار رمضان واحتلم وخرج منه المني ، هل يقضي هذا اليوم ؟
فأجاب :
ليس عليه قضاء ؛ لأن الاحتلام ليس باختياره ، ولكن عليه الغسل إذا وجد المني اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص284) عمن احتلم في نهار رمضان ؟
فأجاب : صيامه صحيح ، فإن الاحتلام لا يبطل الصوم ؛ لأنه بغير اختياره ، وقد رفع القلم عنه في حال نومه اهـ .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (10/274) :
"من احتلم وهو صائم أو محرم بالحج أو العمرة فليس عليه إثم ولا كفارة ولا يؤثر على صيامه وحجه وعمرته وعليه غسل الجنابة إذا كان قد أنزل منياً اهـ
السؤال:
لو كان هناك جرح في أحد أعضاء الوضوء فهل يتوضأ المسلم الوضوء الكامل ثم يتيمم بالنسبة للجزء الذي فيه جرح في النهاية ، أم يتيمم فقط ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا كان هناك جرح في أحد أعضاء الوضوء , فهذا الجرح إما أن يكون مكشوفاً وإما أن يكون عليه لصوق أو رباط .
فإن كان عليه لصوق أو رباط فإنه يغسل الجزء الصحيح ثم يبل يده بالماء ويمسح على اللصوق , ولا يحتاج مع هذا المسح إلى التيمم .
وقد رويت أحاديث في المسح على الجبائر إلا أنها كلها ضعيفة غير أنه قد ثبت عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما .
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ :
" وَلَا يَثْبُتُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ . . . وَإِنَّمَا فِيهِ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ مِنْ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مَعَ مَا رُوِّينَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ . فَذَكَر بِإِسْنَادِهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما تَوَضَّأَ وَكَفُّهُ مَعْصُوبَةٌ فَمَسَحَ عَلَيْهَا وَعَلَى الْعِصَابَةِ وَغَسَلَ مَا سِوَى ذَلِكَ . قَالَ : وَهَذَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ صَحِيحٌ " انتهى .
"المجموع" (2/368) .
أما إن كان الجرح مكشوفاً فالواجب غسله بالماء إن أمكن , فإن كان الغسل يضره , وأمكن مسحه , فالواجب مسحه , فإن تعذر , فإنه يُبقي هذا الجرح بلا غسل ولا مسح , ثم إذا انتهى من الوضوء تيمم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (1/169) :
" قال العلماء رحمهم الله تعالى : إن الجرح ونحوه إما أن يكون مكشوفاً أو مستوراً .
فإن كان مكشوفاً فالواجب غسله بالماء , فإن تعذر غسله بالماء فالمسح للجرح , فإن تعذر المسح فالتيمم , وهذا على الترتيب .
وإن كان مستوراً بما يسوغ ستره به , فليس فيه إلا المسح فقط ، فإن ضره المسح مع كونه مستوراً فيعدل إلى التيمم , كما لو كان مكشوفاً , هذا ما ذكره الفقهاء رحمهم الله " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" إن كان عليه جبيرة مسح عليها ، وإن كان مكشوفاً تيمم عنه " انتهى .
فتاوى ابن باز (10/118) .
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
بعد الغسيل الذي يعمله لي الطبيب أنزف دمًا من يدي من مكان الإبر فيلف عليها بشاش ، فإذا نزعته ينزف الدم ولا ينتهي إلا في الليل ويبقى هذا الشاش ملفوفًا على يدي اليسرى ، فهل يجوز لي عند الوضوء أن أمسح عليها على الرغم من أن الشاش لا يوضع في وقته على طهارة بل يوضع وهناك دم أحيانًا وكيفية طريقة المسح ؟
فأجاب :
" لا تنزع الشاشة التي ربطت على الجرح ، لا سيما إذا كان نزعها يَضُرُّ بك وينزف الدم ، ولا يجوز لك نزعها في هذه الحالة ؛ لأن في ذلك خطراً عليك ، فأَبْقها على وضعها ، وإذا توضأتَ تغسل الذي ليس عليه رباط من اليد ، وأما ما عليه رباط فيكفي أن تمسح على ظاهره بأن تبل يدك بالماء وتديرها على ظاهر الشاشة ، ويكفيك هذا عن غسل ما تحتها مدة بقائها لحاجة ولو عدة أوقات أو عدة أيام ، ولا يشترط أن توضع الشاشة على طهارة بل تمسح عليها على الصحيح ، ولو لم تكن عند وضعها على طهارة ، ولو كان تحتها دم على موضع الإبرة أو الجرح .
فالحاصل : أنه لا حرج عليك في أن تبقي الشاشة ، بل يتعين أن تبقيها للمصلحة ، وتمسح على ظاهرها عندما تغسل ما ظهر منها من اليد " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 5 / 15 ) .
والله أعلم .
السؤال:
لو حصل الجماع بحائل , كبعض الأدوات المستخدمة في هذا العصر ، هل يجب الغسل ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا حصل إنزال للمني فيجب الغسل من أجل الإنزال ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ) رواه مسلم (343) .
أما إذا لم يحصل إنزال للمني فقد اختلف العلماء في هذا على ثلاثة أقوال :
الأول : وجوب الغسل على الرجل والمرأة مطلقاً , سواء كان الحائل غليظاً أو رقيقاً . وهو مذهب الشافعي رحمه الله .
قال النووي : "
" ولو لف على ذكره خرقة وأولجه (أدخله) بحيث غابت الحشفة ولم ينزل فالصحيح : وجوب الغسل عليهما ، لأن الأحكام متعلقة بالإيلاج وقد حصل " انتهى باختصار .
"المجموع" (2/150) .
القول الثاني : أنه لا يجب الغسل مطلقاً , وهو مذهب الحنابلة , كما في الإنصاف (2/92) . لأنه لا تحصل الملاقاة مع وجود الحائل .
القول الثالث : إذا كان الحائل رقيقاً بحيث يجد الحرارة واللذة وجب الغسل وإلا فلا , وهو مذهب المالكية كما في الموسوعة (11/201 ) .
قال ابن عثيمين عن هذا القول الثالث : ( وهو الأقرب , والأحوط أن يغتسل ) اهـ .
الشرح الممتع (1/234) .