ما هو حكم الركض إلى المسجد إذا كانت الصلاة سوف تنتهي ؟
السؤال: ما هو حكم الركض إلى المسجد إذا كانت الصلاة سوف تنتهي ؟
الجواب : الحمد لله أولاً : السنة لمن أتى للصلاة ، أن يمشي إليها بسكينة ووقار ، ويكره له الإسراع والركض ؛ وذلك لما روى البخاري (600) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِذَا سَمِعْتُمْ الْإِقَامَةَ ، فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ ، وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ ، وَلَا تُسْرِعُوا ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ ، فَصَلُّوا ، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا ) . وروى مسلم (945) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِذَا ثُوِّبَ لِلصَّلَاةِ ( يعني : أقيمت ) ، فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ ، وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا ، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا ؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلَاةِ ، فَهُوَ فِي صَلَاةٍ ) .
قال الشيخ منصور البهوتي رحمه الله : " ( و ) يستحب ( أن يمشي إليها ) أي : الصلاة ( بسكينة ووقار ) ؛ والأصل في ذلك : حديث الصحيح ( إذا سمعتم الإقامة فامشوا ، وعليكم السكينة ، فما أدركتم فصلوا , وما فاتكم فاقضوا ) " . انتهى مختصراً من " كشاف القناع " (1/325) .
وقال الشيخ ابن باز: " الإسراع والركض أمر مكروه لا ينبغي ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أتيتم الصلاة فامشوا وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ) ، والسنة أنه يأتيها ماشيا خاشعا غير عاجل ، متأنيا يمشي مشي العادة ، بخشوع وطمأنينة حتى يصل إلى الصف ، هذا هو السنة " انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (30/145) .
ثانياً : إذا خشي الشخص فوات الجماعة ، فقد اختلف فيه : هل له أن يسرع ، من أجل تحصيل فضيلة الجماعة ، أو يبقى على أصل النهي ، خاصة وأنه معلل بأنه في صلاة ، ما دام يعمد إلى الصلاة ؟ قال النووي رحمه الله : " قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّ السُّنَّةَ لِقَاصِدِ الْجَمَاعَةِ أَنْ يَمْشِيَ بِسَكِينَةٍ سَوَاءٌ خَافَ فَوْتَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ أَمْ لَا وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَنَسٍ وَأَحْمَدَ وأبو ثَوْرٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَحَكَاهُ الْعَبْدَرِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ . وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ ، وَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ وهما تابعيان ، وإسحق بْنِ رَاهْوَيْهِ ، أَنَّهُمْ قَالُوا : إذَا خَافَ فَوْتَ تكبيرة الإحرام أسرع . دليلنا : الحديث السابق " انتهى من " شرح المهدذب " (4/207) . والقول بالإسراع في هذه الحالة : هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، قال : " وإن خشي فوات الجماعة أو الجمعة بالكلية ، فلا ينبغي أن يكره له الإسراع هنا ؛ لأن ذلك لا ينجبر إذا فات " انتهى من " شرح العمدة " (ص/ 598) . وينظر أيضا : " الكافي " لابن قدامة (1/291) .
وجاء في " الموسوعة الفقهية " (27/182) : " قال المالكية : يجوز الإسراع في المشي للصلاة في جماعة ؛ لإدراك فضلها ، إسراعا يسيرا بلا خَبَبٍ ، أي : بلا جري ، يذهب الخشوع " انتهى.
وقال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله : " واختار بعضهم أَيضًا : أَنه إِذا خشي فوات الجماعة أَو الجمعة ، فله العجلة ، وذلك أَنه شيء لا بدل له ، فيكون ما اختاره الشيخ هو ارتكاب إِحدى المفسدتين لتفويت أَعلاهما ، فمفسدة فوت الجمعة أَو الجماعة أَكبر ، لأَنهما واجبان ، والعجلة منهي عنها ، إِلا أَنه نهي كراهة ". انتهى من " فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ " (2/ 148) .
وعليه ، فالأصل فيمن أتى إلى المسجد ، أن يأتي بخشوع وسكينة ، ولا يسرع في مشيه ، إلا إذا خاف أن تفوته الجماعة ، فيجوز أن يسرع شيئا يسيرا ، يدرك به الجماعة ، مع عدم الإخلال بما يليق بمثله من هيئة ووقار . والله أعلم .