البلكونة.. ثقافة اغتالتها أزمة الإسكان
ظلت «البلكونة» لسنوات طويلة جزءا أساسيا من منازل السعوديين، حيث احتفظت بشكلها المعماري نصف الدائري أو المستطيل المزدان بالأزهار والنباتات، لتكتمل فيها تفاصيل جلسات الشاي أوقات العصر، أو مكانا يلعب فيه الصغار، حيث كانت هي الاطلالة الوحيدة ومتنفس السكان إلى الخارج الفسيح.
البلكونة ثقافة اغتالتها أزمة الإسكان
حاليا، ومن خلال التأمل السريع لواجهات العمارات ستجدها مباني صامتة يخلو أغلبها تماما من البلكونات، إلا من بروزات مفتعلة لتجميل واجهة المبنى بعرض لا يتجاوز 1.5 متر، أما البلكونات القديمة فقد شرعت الأسر في إغلاقها للاستفادة من مساحتها في توسيع الشقة، وآخرون تركوها على حالها عرضة للغبار تحاكي الصمت.
لم تختف البلكونة من العمارة الحديثة بالسعودية، حيث لازالت جزءا مهما في المباني المطلة على الواجهات البحرية، لكنها فقدت وظيفتها العملية داخل الأحياء وتراجعت أهميتها مع تفاقم أزمة الإسكان، حيث باتت مساحتها عبئا على مساحة الشقق التي فضل ملاكها عدم اقتطاع جزء منها لحساب البلكونة، نظرا لضيق مساحة الأراضي، بحسب متخصصين.
ويؤكد الباحث الاجتماعي عادل بفلح، أن البلكونة كانت رمزا تعبيريا للرغبة في التواصل والتفاعل مع الآخرين، لكن فكرتها تلاشت مع طغيان موجة المدنية التي تسببت في العزلة الاجتماعية، مبينا في حديثه لـ «العربية.نت» أن الكثيرين رأوا أن فكرة دخولها للسعودية كانت خطأ من الأساس، بسبب عدم توافقها مع خصوصية السعوديين المحافظة.
وأضاف أن الكثير من السكان هجروا بلكوناتهم لشعورهم بالحرج من جيرانهم الذين اعتقدوا أنهم يستخدمونها للتلصص، وقال: «هناك بالفعل من استخدم البلكونة بشكل سيئ، ولكن هذا الأمر لا يشوه فكرتها الرئيسية، حيث إن وجودها لم يكن مشكلة من البداية، ولكنها في نظري لم تتراجع إلا في الأعوام الأخيرة وذلك بسبب أزمة المساكن».