يعج الكون بالجسيمات الأولية لدرجة أصبحت مهمة تصنيفها أمراً صعباً للغاية وعلى الرغم من ذلك فقد نجح العلم في صياغة بعض المعايير بهدف تحقيق التصنيف المنشود. مثلاً هناك جسيمات فيري من جهة والبوزونات من جهة أخرى. أما الأولى فلا نجد من أفرادها عند لحظة معينة وفي مكان محدد إلاَّ جسيماً واحداً على وجه التحديد بينما نجد من أفراد النوع الثاني من الجسيمات عند لحظة معينة وفي مكان محدد أعداداً كبيرة بقدر ما نشاء. نصف الالكترونات في النوع الأول، وعبر هذا التصنيف نستطيع تفسير مبدأ التمايز ذلك أن اجتماع أعداد مختلفة من جسيمات فيرمي يبرز فعل التمايز جلياً على الساحة فهناك انا وهناك أنت وهناك الآخرون. يمثل النوع الثاني جسيمات الطاقة والمعروفة بالنوتونات. نستطيع جمع أي عدد من الفوتونات عند لحظة ومكان معتبرين ويعكس هذا الجمع احتياجنا للطاقة عند تلك اللحظة وفي ذلك المكان. لا يعني موت الجسيم اختفاءه عن الساحة بل وبكل بساطة عندما يموت جسيم ما تبرز جسيمات بديلة إلى حيز الوجود مثلاً يتحلل الفوتون على الكترون سالب وآخر موجب وفي ظروف آخرى يلد الفوتون المتحلل بروتوناً موجباً وآخر سالب. على العكس يجتمع الكترونان متعاكسا الشحنة لتوليد فوتونين. تختلف الجسيمات الأولية عن بعضها يحدد حياتها فهناك جسيمات تتحلل في جزء بالغ الصغر من الثانية وهناك جسيمات أخرى يمتد بها العمر حتى فترات زمنية كبيرة جداً. ففي تجربة ضمت مزيجاً من البروتونات والالكترونات بلغ عددها 1033 لوحظ أن أياً من الجسيمات هذا المزيج لم يتفكك أثناء 116 يوماً. خلص العلماء إلى استنتاج مفاده أن البروتون لا يتحلل أثناء مدة تكافئ 1032 سنة. وأن الرقم المقابل للالكترون هو 1041 سنة. اذا أخذنا بنموذج الكون المتمدد والذي يبلغ عمر الكون بموجبه حوالي 15 ألف مليون سنة فإننا نستنتج أن عدد البروتونات المتحللة منذ ذلك التاريخ هو عدد ضئيل للغابة. نعني بالتحلل والتفكك فيما تقدم تحول الجسيم إلى جسيمات أخرى دون تدخل خارجي أي غير التحلل الذي قد نصطنعه نحن في المختبر بتوظيف كميات كبيرة من الطاقة. نؤكد في هذا العرض امكانية تحليل البروتون في المختبر لكن يلزم لذلك كم هائل من الطاقة واذا توفرت يظهر الناتج في صورة جسيمين هما الميزون المتعادل كهربائياً والالكترون الموجب. ان وجود الكون بأسره يدين لحقيقة الحياة الطويلة للبروتون بل لعل تلك الحياة تقع في قاعدة ذلك الوجود. تبعاً لذلك ذهب بعض العلماء إلى حد المغالاة بتصويرهم الحياة الطويلة للبروتون لا على مجرد أنها ظاهرة بل مبدأ أساسي من مبادئ الكون كمبدأ النسبية أو مبدأ الريبة.