في رحاب حديث ( بني الاسلام على خمس ) عن أبي عبدالرحمن عبدالله بن عمر بن الخطاب ما قال : سمعت رسول الله يقول : (بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ) وصوم رمالبخاان ) رواه البخاري و مسلم. الشرح ومن طبيعة هذا الدين - الذي ألزمنا الله باتباعه - أن يكون دينا عالميا ، صالحاً لكل زمان ومكان ، شمولياً في منهجه ، متيناً في قواعده راسخاً في مبادئه ؛ ومن هنا شبهه النبي في الحديث الذي بين أيدينا بالبناء القوي ، والصرح العظيم ثم بين في الحديث الأركان التي يقوم عليها صرح الإسلام .
وأول هذه الأركان وأعظمها كلمة التوحيد بطرفيها: " لا إله إلا الله ، محمد رسول الله " ، فهي المفتاح الذي يدخل به العبد إلى رياض الدين ، ويكون به مستحقاً لجنات النعيم أما الطرف الأول منها " لا إله إلا الله " فمعناه أن تشهد بلسانك مقرا بجنانك بأنه لا يستحق أحد العبادة إلا الله تبارك وتعالى فلا نعبد إلا الله ، ولا نرجو غيره ، ولا نتوكل إلا عليه ، فإذا آمن العبد بهذه الكلمة ملتزمًا بما تقتضيه من العمل الصالح ثبته الله وقت الموت، وسدد لسانه حتى تكون آخر ما يودع به الدنيا، و ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله وجبت له الجنة ) .
أما شهادة أن محمداً رسول الله ، فتعني أن تؤمن بأنه مبعوث رحمة للعالمين ، بشيراً ونذيراً إلى الخلق كافة ، كما يقول الله سبحانه : ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون ) ( الأعراف : 58 ) ومن مقتضى هذه الشهادة أن تؤمن بأن شريعته ناسخة لما سبقها من الأديان ولذلك أقسم النبي فقال : (والذي نفس محمد بيده ، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ، يهودي ولا نصراني ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به ، إلا كان من أصحاب النار ) رواه مسلم
الركن الثاني : إقامة الصلاة المفروضة على العبد ، فالصلاة صلة بين العبد وربه ، ومناجاة لخالقه سبحانه وهي الزاد الروحي الذي يطفيء لظى النفوس المتعطشة إلى نور الله ، فتنير القلب ، وتشرح الصدر .
وثالث هذه الأركان : إيتاء الزكاة ، وهي عبادة مالية فرضها الله سبحانه وتعالى على عباده ، طهرة لنفوسهم من البخل ولصحائفهم من الخطايا ، كيف لا ؟ وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) ( التوبة : 103) كما أن فيها إحسانا إلى الخلق ، وتأليفا بين قلوبهم ، وسدا لحاجتهم ، وإعفافا للناس عن ذل السؤال
الركن الرابع : صيام رمضان ، وهو موسم عظيم ، يصقل فيه المسلم إيمانه ، ويجدد فيه عهده مع الله وهو زاد إيماني قوي يشحذ همته ليواصل السير في درب الطاعة بعد رمضان ، ولصيام رمضان فضائل عدّة فقد تكفل الله سبحانه وتعالى لمن صامه إيمانا واحتسابا بغفران ما مضى من ذنوبه ، ، وحسبُك من فضله أن أجر صائمه غير محسوب بعدد .
أما خامس هذه الأركان : فهو الحج إلى بيت الله الحرام ، ، وقد فرض في السنة التاسعة للهجرة يقول الله تعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) ( آل عمران : 97) وقد فرضه الله تعالى تزكية للنفوس ، وتربية لها على معاني العبودية والطاعة، فضلاً على أنه فرصة عظيمة لتكفير الذنوب فقد جاء في الحديث : ( من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق ، رجع كيوم ولدته أمه ) رواه البخاري و مسلم.
وعلى هذه الأركان الخمسة ، قام صرح الإسلام العظيم ، نسأل الله سبحانه أن يوفقنا لكل ما فيه رضاه ، وأن يصلح أحوالنا .