الاسرة مظلة إنسانية
أ . د . وهبة الزحيلي
الاسرة مظلة إنسانية ضرورية لبناء النفس , وممارسة المعيشة الهانئة , في الحياة , ورفد نظام المجتمع بعناصر البناء وإبقاء النوع الانساني .
أما بناء النفس الانسانية المتكاملة , المحقق للنمو الجسدي والعاطفي , سواء بالنسبة للرجل أو المرأة : فيتم عن طريق الزواج , الذي يشبع النزعات الفطرية , والميول الغريزية , ويلبي المطالب النفسية والروحية والعاطفية , والحاجات الجسدية , وذلك من أجل التوصل الى تحقيق منهج الوسطية والاعتدال , دون حرمان من الاشباع الجنسي , ودون إباحية تؤدي الى الانحلال من الفضيلة , والفوضى والأخلاط المتنابذة أو المتغايرة .
وأما ممارسة المعيشة الهانئة في الحياة : فتحصل من خلال الاسرة التي توجد تجمعا صغيرا , يبني أصول حياته ومعيشته بهدوء , ويحقق تعاونا بناء ,وقويا , في التغلب على مشكلات المعيشة والمكاسب , وتخيم فيها اجواء المحبة والمود ة والأنس والطمأنينة والسلامة , ومقاومة كل أوجه التعثر والضعف والمرض , وأخذ بيد الاطفال نحو النمو المتكمال , ورعاية الشيوخ والكبار حتى لا يصبحوا منسيين أو مهملين لا عائل لهم , ولا معاون أو مساعد يساعدهم على أحوال ضعفهم , والتخلص من متاعبهم وهمومهم .
واما رفد نظام المجتمع وإبقاء النوع الانساني , فيتحقق من خلال انجاب الذرية والأولاد الأصحاء والأطهار , لحفظ النسب ونقاء الدم , وخلو المجتمع وسلامته من الامراض التي تتكاثر بسبب العلاقات الجنسية غير المشروعة .
وفي مظلة الاسرة : تنمو روح التبعة أو المسؤولية , للعمل على إثبات الذات أو الشخصية , وتعمير الكون , وتعلم معاني الايثار والتضحية والصبر والاحتمال , والجود والسخاء , والامانة وغرس جذور الاخلاق والفضيلة , وتحقيق معنى العيش في مجتمع يفيد المجتمع الاكبر في الوطن والانسانية و وإيجاد حقل التربية الميدانية , لتجسيد معنى التكافل الاجتماعي المادي والمعنوي الذي هو ضرورة حيوية ماسة لكل مجتمع , حيث يجعل الجميع بمثابة الجسد الواحد في العيش المشترك , والتراحم والتعاطف المتبادل , وإشاعة روح المحبة وبذل المعروف , وإسداء المعونة , والتعاون على تقدم الحياة الاجتماعية , والتحصين ضد التيارات والسلبيات , والوقاية من كل أوجه التخلف والتعثر والقضاء على الثالوث المخيف الخطير : وهو الجهل , والفقر , والمرض..
منقول