الشقيقتان على أتم الأستعداد .. كُلن مِنهم أخذ موقعه في سيارة وائل أخيهم الأكبر قاصدين الجامعة ..
الصمت يحتل مواقف فاطمة على الدوام ، و لا شيء سوا الصمت بعيني لامعتين ..
بينما الأخرى لا تكترث لها أبداً ، ضحكاتها المتعالية و الابتسامة الدائمة و انتهاز فرص التسالي من اختصاصها ..
...................
هاقد وصلوا ..!
#فاطمة دقاتها غير منتظمة ، ثمة آهات و زفرآت حبيسة لصدرها المخنوق .. #حوراء تحدق في توتر شقيقتها ، راسمة علامات التساؤل في ذهنها ..
اقتربت : فاطمة ما بكِ ؟ بيدين مرتجفتين تجيب : خائفة ! حوراء : مِن ماذا ؟ فاطمة : كل شيء
#حوراء تشدها من يدها بلا مبالاة ، تدعي الجنون في نفسها الغامِضة .. #فاطمة تنجر خلف خطواتها فاقدة لـ سيطرة الحدث ..
••| احدى محاظرات فاطمة ..
تمسك قلمها بيدي مرتجفتين ، محاولة السيطرة على تقاسيمها المتوترة ..
- لِما الهلع ؟ - من المستقبل - و ماذا بعد ؟ - لا أعلم ! هل أموت ! أنتحر ! أهرب ! - اقتراحاتك غير صائبة يا آنسة - آنسة ؟!! أضحكتيني ، تحدثي بشيء من المواقع - أخبريهم بما حدث - لن استفيد ، لا أحد سيقف بجانب همومي ، و بالمقابل سـ يلومني الجميع حين ذاك ، و فوق الجرح سـ ينبت ألف جرح ..
رفعت رأسها لتزيح من ذهنا ذلك الحديث ، و نفضت من رأسها أفكار مقترحة من الروح الذي تلهِمها بشيء ..
.....................
••| على سريرها المخملي ..
مع دموع ممتزجة بأنسجة الوسادة تتمتم فاطمة حاكية قصة ألم .. إختباء الآهات في صدرها يدفعها للوحدة .. و حديثها الدائم مع شخصها يثير الحيرة في نفسها .. .....................
••| مرت الشهور و انطوت الأيام ..
و لم يتغير الحال بها .. هي كما هي ، مضطربة ، قلقلة ، هلعة و كاتمة للزفرات .. تدفن الماضي و المستقبل معاً .. تشعر بأنها ماتت روحاً و جسدها لازال ..
في ذلك اليوم .. و لأول مرة يتقدم لخطبتها شاب .. ضن الجميع بقبولها ، ولكن ما حدث لها في السابق كفيل بأن يكون جوابهل عكس التوقعات ..
فاطمة : لا أريد حوراء : و لماذا ؟ فاطمة : لا أريد ان ارتبط ، يكفيني العيش تحت أمرة والدي ، لا رجل غريب يتحكم في تصرفاتي حوراء : كفي عن الهراء فالقطار و إن فات لن يعود فاطمة : تزوجيه أنتِ حوراء بسرحان : آآه ليتهُ يأتي لي سأوافق دون تأني و لكني أصغركِ سنناً تشيح بوجهها : أنا اتنازل عنه تركته لك خذيه
علِم الجميع برفضها و ثاروا غاضبين .. أعطيناهم كلمة ، لا يمكننا التراجع ، سنقع بموقف محرج معهم ، و الكثير من الكلمات التي تلقتها فاطمة و لكنها كانت جميعها كلمات متعرية من الأهتمام .. فهم لم يكلفوا على نفسهم بأن يسألوها ما بك ؟ ..
كثيرٌ من الضغوطات تحملتها وعلى ذلك رضخت لأوامرهم ، لكن الأمر الذي أولد الحيرة في نفوس افراد عائلتها .. سبعة مقابلات شرعية قبل الزواج و من يدخل معها يخرج و لا يعود .. تولدت الشكوك لديهم و على هذا النحو ضنوا بأنها هي قاصدة ذلك بفعل من أفعالها .. متجاهلين بأن غيابهم بعد النظرة الشرعية سببها كلمة واحدة ..
بعد ذلك ، قّل الخاطبين و أصبحت بنظر الجميع فتاة منبوذة .. لم تعير هذا الشعور أهتمام لأنها تراه بالفعل هو حقيقتها ..
مرت الأيام و إذ بحوراء تُزف بفستاها الأبيض .. فرحت لها و في نفسها ثغرة .. لم تكن غيرة أو حسد بل كانت ألم ..
- ليتني كـ حوراء ، فتاة كـ حال باقي الفتيات ! - أنت حزينة لزواجها ؟ - ليس لزواجها ، بل لِما أنا فيه ! - الصبر جميل ، تصبري - نفذ رصيدي من الصبر - جرعات زائدة فقط - ليست لدي المناعة الكافية لتناول هذه الجرعات ..
#حوراء تذهب لقفصها الزوجي ، مستمتعة بحياة جديدة غير مكترثة - كما العادة - لشأن شقيقتها .. #فاطمة تصارع في كل دقيقة ألم البقاء ، راجية المغادرة لرحلة دائمة نحو السماء ، فالحياة على هذه الأرض لا متعة لها ..
........................
••| في إحدى الليالي ..
أُطرق باب المنزل ليبشر اصحاب المنزل بأن هناك خطيب جديد تقدم لفاطمة بعد انقطاع طويل ..
والدتها : جهزي نفسكِ جيداً ، ليته غير سابقيه الذي يذهبون دون عودة بألم : تريدون فراقي سريعاً ؟ والدتها : لا يا عزيزتي و لكن لمتى جلوسكِ هنا ، الفتاة لها زوجها و بيتها الجديد ، ألا تريدين أن تكّوني أسرة ! فاطمة : لا أفكر في ذلك والدتها : فكري ، أنظري لحوراء و سعادتها و ضعي ذلك أولى التفاكير
سكتت فاطمة لأنها تعلم جيداً بأن لا أحد سيفهمها ..
••| بعد النظرة الشرعية ..
الوضع كسابقيه .. لم يتغير في ذلك شيئاً إلا أمراً واحداً كان في غاية الأهمية .. و هو أتصال أهل الخطيب ليخبروهم بالموافقة ..! صاعـــــقة !
- كيف ذلك ؟ - لا أدري - و ماذا سنفعل ؟ - كذلك لا أدري - ربما لم يفهم إعترافي - لا أعلم
حديث الروح آنذاك عجز عن الحوار ..! دقاتها أصبحت كـ قرع الطبول ، لا تريد ان يتم ذلك الزواج و هي مدركة فشله .. و لكن ؛ من أين المخرج ؟ و ألسنة الجميع و تمتماتهم كـ لسع الأفاعي ..
أغمضت جفونها في تلك الليلة ، موكلة أمرها لله سبحانه ..
••| في الصباح ..
قصدت والدتها المستقرة في وسط المطبخ ، و أفصحت عن رغبتها العارمة في الحديث مجدداً مع الخطيب قبل أن يتم كل شيء ..
رفضت طلبها ، داعية ذلك جنوناً ..
بيأس : أماااااااه ، ارجوك والدتها بأقتضاب : لم تتمكني من أن تفسدي الموضوع في المرة السابقة تريدين ساعية لذلك خلف هذا الطلب ، أنسي ذلك فطلبك مرفوض ..
يأست ، و قد نفذت كل الحلول معها ، تركتها و قصدت والدها ، و كلها أمل بأن يجيب لها ..
فاطمة : أبي ، كلمة واحدة لن أتأخر معه ! ارجوك .. والدها : حسناً ، و لكن لِما حرصكِ على الحديث معه ! بإرتباك : أريد الاستفسار بشأن موضوع معين ، و عليه لن يكتمل موضوعي إلا بالحديث .. والدها : سأتصل به و سأدعك تحادثينه أمامي فاطمة : حسناً
رفع الهاتف و توقف عند إسمه ، تردد في بداية الأمر و لكنه حسم ذلك بسرعة ..
#والدها تكلم معه في البداية تمهيداً لإخباره برغبة فاطمة بالحديث معه ..
#فاطمة ما أن مسكت الهاتف سارت بخطوات سريعة لتدخل غرفة الجلوس و تغلق خلفها الباب مانعة أحد الإطلاع على حديثهم ..
..................
فاطمة : أود التحدث معك بشأن موضوع يتعلق بي ، أضن أني لم اصل المعلومة لك بشكل كافي الخطيب : أعلم جيداً ما تودين قوله قاطعته : أنت لم تعلم و الدليل على ذلك موافقتك على خطبتي .. الخطيب : سمعتكِ جيداً حين ذاك ، و أعلم ما قلتيه و مدرك لذلك فاطمة : أنا مُغتصِبة ! و ضحية لجبروت رجل ، و كيف بشاب مثلك أن يقبل بفتاة مثلي الخطيب : على ما يبدو إنك رافضة الإقتران بي ، لا أدري لأي الاسباب و لكن إذا كان بشأن ما تتحديث عنه فـ باب هذا الموضوع مغلق ، أنا وافقت عليكِ لأني وجدت بكِ طُهر و براءة لم أجدها في باقي البنات ، يكفي بأن قلبي ارتاح معك و هذا يكفل سعادتنا معاً في المستقبل ، فاطمة أغلقي تلك الصفحة السوداء و لنبدأ معاً حياة أخرى إذا كنتٍ تريديني ! إبتسمت مع مشاركة الدموع : حسناً
انتهى الحديث ، و أغلقت الهاتف .. لكنها في ذلك الوقت تشعر بأن الحياة فتحت لها ابوابها من جديد .. في ذلك الوقت لم تفقه المشاعر التي تنتابها ! في داخلها الكثير من الأحاسيس المختلطة و من أجل ذلك لا تميز بين السعادة و الصدمة ..
خرجت لتسلم الهاتف إلى صاحبه ، و قد رأت في عينيه إحمرار الغضب .. أطفئت تلك الشرارة بقبلة احترام على رأسه ..
فاطمة : أعتذر أبي ، في ذلك الوقت كنت مرتبكة جداً لذلك عزمت على الانفراد المفاجئ ، و شكراً جزيلاً لك
صعدت غرفتها و في تشعر بشيء أكبر من الفرحة ، و كأن الحياة ابتسمت لها من جديد ..
......................
••| طُرِق باب غرفتها ..
نهضت لتفتح .. أخبروها بأن الجميع بالأسفل ينتظرون حظورها لترى مفاجئة أُعِدت لها بمناسبة قرب زفافها ..
أغلقت الباب و قصدتهم بشغف، و كانت حقاً تتمنى أن تتفاجئ حينها لأنها حقاً تحتاج إلى ذلك .. تحتاج إلى لحظة فرح ، سعادة ، سرور و ابتهاج بعد فترة من الزمن كانت تعيشها بأقسى المشاعر ..
ما أن وصلت لهم و ترى الجميع مجتمعين ، لمحت المفاجئة ، و قبل أن تكمل أخر عتبات السلم في النزول لم تقوى رجلاها على المواصلة .. أمسكت طرف السلم و جلست منهكة ، مخنوقة ، جسمها يرتجف بشدة ..
نظرت إليها والدتها : ما رأيكِ ؟ هزت رأسها و الدموع في انهمار : لماذا أتيت ؟
هو ، ذلك الشخص المُعني يقف بخوف ! هلع و توتر ، يبعد أنظاره قد المستطاع عن عينيها البريئتين !
فاطمة بهستيرية : لا أريد رؤيته ، لا أرييييد
...................
تفاجئ الجميع منها ، و من ردة فعلها الغير اعتيادية ..
والدتها : ما بكِ ! هذا بدر ، أخيك المقرب ، ألم يكن هو الوحيد من بيننا قريبٌ لقلبك و همومك ! ألم يكن هو الفرد الذي تحبينه أكثر من اي آخر ؟ ما الذي حدث ؟! هاقد عاد بعد غياب ! ألم تشتاقي ؟ صرخت و هي تبكي : لا أريد رؤيته ، أبعدوه عن ناظري
#بدر لم يقوى على تحمل الموقف أكثر من ذلك ، تركهم و أنسحب تحت صياح فاطمة و ترجي الأخرين ببقاءه ..!
#حوراء اقتربت من اختها تضمها لصدرها ، تريد فقط أن تخفف من روعها و تسكن من هلعها ..
#والدتها انزعجت منها داعية ذلك تصرف أطفال ، مشفقة على أبنها الذي عاد بعد من غربة دراسة ليلتقي بأهله بكل شغف ..
صعدت فاطمة لغرفتها و قد أنهكها البكاء .. حوراء لا زالت بقربها ، تريد أن تدرك حقيقة تغيرها ، و لكن هي ؛ أبت ان تتحدث ..
كيف سـ تبوح ! و من سيصدقها ؟ كان عليها ان تصمت ، لأجلها و لأجل سمعة تلك العائلة ، لأن ليس بيسير أن تفصح بتفاصيل تلك القضية ! شرف إبنة تلك العائلة ينهار و المتسبب إبنها المدلل ..! حكاية اشبه بفيلم خيالي و لكنه واقع في زمن كثُر فيه الفساد ..
اقتربت ليلة الزفاف ، و طوال تلك الفترة لم تسقط عيناها مجدداً على أخيها الذي سكن في دار خالته تفادياً للحالات الهستيرية لفاطمة ..
.......................
••| في ليلة الزفاف ..
أمرٌ حدث لم يكن بالحسبان .. و على حين غِرة ، و قبل خروجها لبيت الزوجية و بمحظر الجميع ..
دخل بدر !
أحدقت بنظرها الحادة ، لم يكترث لها و اقترب ليستقر وسط جميع أهل الدار بعدما تفرق المعزومون .. أوت أن تتحدث و لكن صمتت بعدما بادر هو بالحديث ..
بدر : لا أقوى على السكوت ! ضميري مهلك ما دام يخبئ بداخله سرٌ هكذا ..
تساءل الجميع و علامات التعجب تحلق فوق رؤسهم ..
بدر : حقيقة كانت بيني و بينها ، فاطمة ضحية لرغبة شيطانية .. قاطعته : عليك ان تتوقف عن هذا الهراء و اصمت ، لا داعي بمعرفة الجميع .. واصل دون اكتراث : كنت في ذلك الليلة ، قبل سفري بيوم ! خرجت مع رفاقي لنودع اللهو استقبالاً للجدية و غربة الدراسة ، كانت المرة الأولى الذي سكرت بها و زدت جرعات التناول حينها ، فلم ادرك ما افعله ، عدت إلى المنزل و قصدت غرفتي ، رأيتها هناك كانت تتعبث بشاحن هاتفي ! نظرت إليها ، و قد شاركني الشيطان في النظرات ، لم أشعر حينها إلا بعدما ..
...............
قاطعته فاطمة باكية ، تصرخ بصوت شجي ..
فاطمة : يكفي هذا ، اصمت و لا داعي لذلك ، اصمممممممت ! بدر : يجب على الجميع أن يدركوا مدى حماقتي .. فاطمة : لا أريد ، كف عن هذا بلا مبالاة : من تحاول إخراسي هي ضحية تلك الليلة ، فاطمة اختي العزيزة المقربة ! لقد قضيت على مستقبلها بيدي ، فعلت ما فعلته و ذهبت ، و تركتها هنا تصارع ألم البقاء ..
انهار الجميع ، و كأن بسحابة سوداء توقفت على رؤسهم ..
#فاطمة تبكي بحرقة ، بحديثه هذا ألتهبت جروحها ، لم تكن راغبة بما حدث ! بنظرها أن الصمت و التستر أرقى الحلول لتبقى عائلتها كما كانت ، لا تنكس رأسها بـ عار أرتكبه ابنها ..
#والدها يقف مشدوهاً ، و رجلاه ترتجفان ، يريد التحدث و لكن لسانه عجز عن الحديث ..
#والدتها سقطت مغشياً عليها ، هول ما سمعته كان اقوى من ان يتحمله قلبها ..
#الجميع هرعوا لمن سقطت فاقدة لـ وعيها و بقيت #حوراء تقف صامتة ، حدقة عيناها متسعة تناظر بأخيها تريد ان تستوعب ما يقوله ..
الاصوات اعتلت حول والدتها ساعين إفاقتها ، فاطمة جثت بركبتيها تبكي و هو يقف بجانبها يمسح على رأسها ، خالد زوجها و الذي أُتِم عقدهما في هذه الليلة .. هو الأخر يصمت امام الموقف ! تفاجئ كثيراً بما حدث و أخر توقعاته بأن يكون الجاني هو أخيها المقرب ..
حوراء انسحبت خلسة و قصدت غرفة شقيقتها ، أغلقت الباب و رمت بثقلها باكية ، تبكي بألم ، بكت بكاء الفاقد ..
حوراء : سامحيني فاطمة ، لم أكن مدركة بما يحدث ، كنت قاسية معكِ ، لم أبالي و لم اكترث لكِ و لِما حدث ! اصفحي عن أخت لم تحمل معنى الأخوة ، اعذريني فاطمة
ما تشعر به حوراء مجرد افاقة حسية ! تذكرت كل موقف حدث لم تبالي به و ضنها المتكرر بمزاجية فاطمة ، لم تدرك ان الحقيقة كانت مرّة إلى هذا الحد ..
بعد تلقي الصدمة ، ساعة من البكاء ، ساعة من الصمت ! بدر يأخذ موقعه في الزاوية ينتظر ما سوف يحل عليه ، مستعًدٌ لذلك لأنه مدرك خطيئته
وجّه والده عبارة له ، رفع رأسه سريعاً ليستوعبها ..
والدها : أترك المنزل سريعاً و غادر ، أنسى كل ما يتعلق بنا ، و لو بمقدوري محو أسمي منك فلا ترددت دقيقة واحدة .. بدر و بدأت الدموع تشترك في موقفه : و لكن قاطعه بصرخة هزت اركان هذا المنزل : اخررررررررج !
وقف ليخرج ، و عيون الجميع تحدق به ..
فاطمة : أبي لا ، لا تفعل هكذا ....................
حوراء بإصرار : و لِما لا ؟ أتركي المثالية جانباً و فكري بالمنطق ، الثقة انعدمت و النفس كارهة لشخصه ، الابتعاد عنا افضل الحلول ، لن نكترث لغيابه فقد اعتدنا لذلك عند سفره بدر بألم : حوراء لا تكوني قاسية ، أعترف بخطأي و متندم على ذلك ، لم أكن بـ وعيي ذلك الوقت والدها و بإصرار : لا تبرر ، اخرج و اتركنا لوحدنا ، نستطيع العيش بدونك لا حاجة لنا بك فاطمة بعيني لامعتين : لهذا السبب كنت متسترة على الموضوع ، خائفة من التشتت ! ارجوكم استيدروا ظهراً عن هذا القرار ارجوكم بدر ينظر إليها بندم : اعذريني فاطمة بتنهيدة : أنا ؟!!! لا استطيع ازدرذ ريقه و عيناه مغمضتين : سسامحيني فاطمة : لا يهمني اعتذارك ، ما يهمني هو العائلة ! أبي رجيتك بأن تستجيب لي ، دعوه هنا و اصفحوا عنه .. والدها : سأوافق لسبب واحد ، تكفير عن ذنبنا بحقك و قسوتنا مع ظروف لم ندرك تفاصيلها
أوت ان تخرج فاطمة برفقة زوجها و لكن تفاجئت ببدر يجثو بركبتيه امامها ، طالب الصفح ، باكياً على ما فعله ..
بدر : سامحيني فاطمة ، لا تذهبي قبل أن ألتمس عذركِ ، ارجوكِ أُخيّة سامحيني .. نزلت لمستواه : دع الله سبحانه و تعالى يغفر لك خطيئتك ، أما أنا فلنا لقاء آخر يوم الحساب ..
تركته و خرجت .. تركته يصارع الألم ، الندم و قسوة الضمير ..
.....................
••| في بيتها الجديد ..
ينظر لعينها ، يتأمل براءتهم !
خالد : محظوظٌ لأمتلاكي إياكِ فاطمة : كنت أضن أن حظي أنعدم في هذه الحياة و لكني متيقنة الآن بأن صبري كأن افضل من الأرتباط بغيرك ..
ربما توقفت القصة إلى هذا الحد من المواقف ..
#فاطمة تشعر بأن خالد هدية لـ صبرها ، تجد فيه الإنسان الكامل بنظرها رغم بعض السلبيات التي لم تكن كبيرة لحدٍ ما ! فليس هناك إنسان متكامل الصفات سِوا الخالق ..
#خالد وهو بالمثل ، يحبها و يجد فيها الزوجة المثالية .. . #بدر ينتمي بالإسم لعائلته ، لا يجد الإحترام عند احدهم ! فرد منبوذ بينهم، إلا قلب الأم فقد يحن عليه بعض الأيام .. .................
بعد سنتين ..
#المشهد_الأخير .. الموقع : العناية القصوى ..~
ربما حان الوداع و ربما هناك قطرة أمل للبقاء ! جميهم يقفون خارجاً ينتظرون طريح ذلك الفراش بجراحات عميقة .. بدر ، الأبن المنبوذ اصبح سبباً في دموع المناجاة لأقربائه خلف باب العناية ..
خرج الطبيب : حالته كما هي يفيق تارة و يغيب عن الوعي تارة أخرى الأم بلهفة : أيمكنني رؤيته ؟! الطبيب : يمكنكِ ، أبتعدي عن الحديث معه
دخلت لتراه والدموع لم تكف عن الإنهمار ..
مسكت يده و قبلتها : عزيزي بدر ! ماذا حل بك يا حبيبي ؟
فتح عيناه بصعوبة ثم اغمضها ثانيةً ..
والدته : كن بخير من أجلنا صمت طويلاً ثم أجاب بهمس : ربما الرحيل أفضل لي و لكم جميعاً
أوت ان تتحدث و لكن أغمض جفونه ليدخل في عالم اللا وعي مجدداً .. تناوب الجميع في رؤيته ، رغم ما يحملوه في قلبهم إلا إنه رقّ لحالته .. . ••| في منزلها ..
تجلس فاطمة بسرحان ، تفكر بمصير ابنها المتوسط في احشاءها ذات السبع شهور .. قطع ذلك التفكير دخول خالد ..
قال : تجهزي في الحال ، لدينا مشوار في غاية الاهمية تتساءل : أين ؟ و مابك مرتبك هكذا ؟ اجاب : لا شيء يوحي لقلق بتوتر : حدث شيء ؟ عائلتي بخير ؟ بتردد : بدر يطلب رؤيتكِ تنهدت : ضننت الموضوع أكبر من ذلك ، دعه يطلب ما يشاء لست مجبورة بإطاعته .. اقترب منها : ولكن الحال تغير ؛ هلمي لتريه ارجوكِ ، فالربما يجتمع بكما القدر قبل الفراق ..
ارجتفت اطرافها لكلماته ..
فاطمة : ما الذي يحدث ؟ خالد : بدر طريح فراش المشفى ، حالته غير مستقرة أثر حادث بليغ أصيب به ، يطلب رؤيتكِ سريعاً .. ألقت بثقلها على الكرسي : منذ متى ؟ خالد : اليوم صباحاً انهمرت دموعها : لا استطيع خالد : و لِما ؟ فاطمة : أخشى ان اضعف امامه و أسامحه ..
اقترب منها و مسك يدها و همس ..
خالد : حسناً ، لكِ حرية قراراتك في الصفح ، و لكن لي رجاء ، اذهبي له ، و إن لم يكن لأجله ، لأجل عائلتك الباكية من اجله ..
ذهبت ، و كلما اقترب اللقاء ضاق الصدر ، تقدم رجل و تؤخر أخرى ، مترددة كثيراً ! و ما أن اقبلت برفقة زوجها نظرت لهم و لعيونهم الذابلة .. والديها ، حوراء ، وائل و زوجته ..
بتساءل : ما الذي يحدث ؟ اجاب وائل : للتو أُدخِل لغرفة العمليات ، كان حريص بأن يراك قبل أن يدخل و لكنكِ تأخرتي كثيراً ..
صمتت و أسندت نفسها على الحائط ، قلبها يدق بسرعة و يدها ترتجف .. .....................
- ماذا لو مات ؟ - كان ينتظرك - لم أكن أعلم أني سوف أتأخر هكذا - بماذا تشعرين الآن اتجاهه ؟ - لا شيء ، و لكن فعلاً أريد لقائه - سيعيش إذ شاء الرب ، و ستلتقي به و تسامحيه - سألتقي نعم ، أسامحه لا - ماذا لو خرج الطبيب معلناً وفاة أخيك ؟ - لا اتمنى ذلك ! - سيذهب من هذه الدنيا دون ان يلتمس عذرك - هل اسامحه ؟ - لو أن بدر استغفر الله و عاد تائباً لربه، هل ستضنين بأن الله سيسامحه - إن الله عفور رحيم - اذاً انت ايضاً ، سامحيه و دعي ضميره يرتاح
صمتت و ساد الصمت بين الجميع و عيون الرجاء تحدق بأسقف الممر طالبين الرحمة ..
مضت نصف ساعة .. ساعة ~ ساعة و نصف ..
و إذا بالطبيب يخرج من هناك ، قلوبهم ترفرف متلهفين لِما يقوله ..
الطبيب : نستطيع القول بأن العملية نجحت نسبياً ، هو الأن تحت الملاحظة إلى حين يفيق ، أكثروا من دعائكم له ..
عاد الأمل إليه ، الجميع تناسى ما فعله و جل اهتمامهم في شفائه إلا فاطمة .. فقد كانت ترى هذا و ذآك ..
الثانية كـ الدقيقة ، و الدقيقة كـ الساعة .. الصبر نُفِذ ، و لازال الأمل موجود ..
بعد إنتظار دام طويلاً ، أول ما فتح عيناه نادى بها ، فاطمة اخته و ضحيته ..
ذهبت إليه و دقاتها متضربة ، التنفس مخنوق و الاطراف متجمدة .. إقتربت إليه ..
فاطمة : كيف حالك ؟ بصعوبة يجيب : لا أعلم ، لا أرى في بدني ضعفاً لأنه لازال تحت سيطرة التخدير قالت : ستكـ ...
و قبل أن تتم الكلمة صمتت و هي تتحس يداه و قد شبكت بيديها ..
بدر : سامحيني أُخية ، ارجووك اغفري لي ، لا أود الرحيل قبل أن ألتمس عذرك
اكتفت بالنظر لعينيه و قد أبت الدموع ان تسكن مقلتيه ..
بدر : لست مجبورة على ذلك ، أنا حقاً استحق ما يحدث لي ..
أغمضت عيناها تتذكر تلك الليلة ، تمنت أن الحياة كانت مختلفة ! هو لم يسكر ، هي لم تقصد غرفته ، لكان الحال افضل من ما هو عليه .. لكانت هي تعيش حال أي فتيات سِنها و هو كذلك .. و لكن عندما يتدخل الشيطان تتغير فصول القصة ..
إنحت لتقبل رأسه و ابتسمت بمرارة : كن بخير من أجل الجميع ، سامحتك لوجه الله ..
قالتها بتردد ، و لكن كانت مقتنعة بها .. تركته و خرجت ، اما هو إنهار باكياً ..
.................... ••| في السيارة ..
تشيح بوجهها عن خالد فقط لكي لا يرى دموعها ، و هو يتفقدها بين الحين و الآخر دون ان يحادثها .. أوقف السيارة عند الكفتيريا ، طلب لها عصيرها الأفوكادو المفضل ، ربما ترتخي اعصابها ..
ناولها إياه : تفضلي أخذته بإبتسامة مكلفة : شكراً بعد صمت سألها : أيمكني معرفة سبب بكائك ؟ أخذت نفساً : أنا شخصياً لا أعرف لماذا خالد : ما الذي حدث بينكم ؟ فاطمة : هو اعتذر خالد : و أنتِ ؟ أطلقت تنهيدة متهجدة : سامحته خالد : مقتنعة ؟ حركت رأسها : أجل خالد : مدرك صعوبة ما يحدث ، و أن الأمر لم يكن سهلاً ذات يوم ، أنتِ قوية و لذلك اعطيتي من دمر جزء من حياتكِ ما يتمناه ، و لكن ؛ إرجعي قليلاً إلى الخلف ، و انظري لأيامكِ السابقة كيف كانت و الأن كيف اصبحت ، احياناً عندما نريد ان نقفز بقوة نحو الأفضل يجب علينا الرجوع للخلف ، كما السهم حين ينطلق من القوس ، قارني حياتكِ قبل أن يكشف بدر ما حدث و بعد ذلك ، ألا تلتمسي التغيير الجذري في ذلك ؟ كنت فتاة تلك العائلة و لكن لم تشعري يوماً بقرب أحدهم لهمومك ، حتى حوراء شقيقتك الوحيدة ، لم تكن كما ينبغي ، و لكن الأن ؟ فأنت عزيزتهم و أكثر من ذلك .. . كان لحديثه تأثير على نفسيتها ، أحست حينها بأن كتلة من الغم إنزاحت عن قلبها .. . ابتسم قائلاً : و لـ أكن صادقاً معكِ ، فأنا ممتن له عقدت حاجبيها : ممتن ؟!! خالد : لو ما حدث لما كنت ليّ الآن ابتسمت بحبور : كلماتك و إن كانت غير صائبة إلا إنها تمتلك القدرة على إرضائي ..
بعد مضي شهرين ..~
#فاطمة و #خالد لحياتهم فصول سعيدة ، تندرج بين سطورها احداث عديدة ، و قد شرّف علي ليكون فرداً منهم ، يشاركهم ضحكاتهم و آلامهم ..
#بدر تعافى و أصبح يستقل بحياته ، يدرس و يعمل و يصرف على ذاته ، يعلم بأن الجميع غفروا له تلك الخطيئة التي بقيت سر فيما بينهم و لكن حبذ الإبتعاد و الإستقرار لوحده ، هذا لا يعني انه تركهم ! بل كان وصولاً لهم اكثر من السابق ، و علاقته بفاطمة تحتاج المزيد المزيد من الوقت لتعود كالسابق عهدها و لكن ما يهمه ، هو رضاءها على ما حل ..
و انتهت الحكاية إلى هذا الحد .. و أُغلِقت صفحات هذا الكتاب ..