لماذا تنجح علاقة زوجية وتدوم بينما تنتهي اخري بالفشل؟
هذا السؤال اثار اهتمام علماء الاجتماع العائلي، فاصبح من الممكن التنبوء مقدما بما اذا كان مشروع الزواج قائما علي الانسجام والدوام، ام تنتظره عوامل النفور. ضمن الدراسات التي اجريت في هذا الصدد دراسة اجراها الدكتور جورج اونيل وزوجته ... نيننا علي الف حالة طلاق نشرا نتائجها في كتاب عنوانه زواج العمر ، واثبتت الدراسة ان واحدا من الطرفين او كليهما، يقدم علي الزواج وفي ذهنه اعتقاد راسخ بواحد او اكثر من الافكار الخاطئة عن طبيعة الزواج، وما يلبث بعد الزواج ان يكتشف انها مجرد اوهام، ومن ابرز هذه الافكار ان الزواج عقد ابدي مضمون لا ينفصم، وعلي هذا الاساس يهمل في تقويته وتعزيزه، وقد يتصرف تصرفات تؤدي إلي انهياره. ومن جملة الاعتقادات الخاطئة ايضا ان يفكر احد الطرفين ان الزواج كله سعادة وهناء وراحة، وينسي ان للحياة الزوجية مسئولياتها، كما ويخطئ الطرفان اذا اعتقدا ان الانجاب هو الهدف النهائي للزواج، وانه التعبير الحقيقي عن حب كل طرف للآخر، وبنفس هذا القدر فان الغيرة ليست دليلا علي الحب كما يعتقد الكثيرون، وتخطئ من تعتقد ان زوجها سيصبح بعد الزواج ملكا لها تستأثر به كلما فرغ من عمله، او ينبغي عليه ان يلازمها كل وقت فراغه. الناجحون في حياتهم الزوجية يعرفون ان للزوج اصدقاءه وللزوجة صديقاتها وهواياتها، وان تلازم الزوجين كل الوقت محال لان الدنيا ليست سفينة نوح، وانهما يشتركان في اغلب الاشياء لا كلها، وان كل ما يسعد احدهما يعتبر تقوية للحياة الزوجية، وانهما شخصيتان مختلفتان فكرا لكنهما ملتقيان في منتصف طريق كل منهما. وهذا الالتقاء يتطلب الكثير من التفاهم والتفهم. معظم الشبان والشابات يقدمون علي الزواج واذهانهم خالية من التوقعات الحقيقية التي ينطوي عليها، وفي اعتقادهم انه سيحل كل انواع المشكلات، بينما للزواج مواقف ينبغي توقعها والاستعداد لها نفسيا وفكريا، لامكان مواجهتها بهدوء وتبصر، واجتيازها بنجاح. من اشهر المتخصصات في اسرار الحياة الزوجية د. لورا سنجر ما جدوف رئيسة اتحاد مستشاري الشئون الاسرية الامريكية وقد حددت هذه المواقف التي تهدد الحياة الزوجية بست ازمات هي:ازمة التكيف: وتبدأ من الزفاف حتي نهاية السنة الاولي من الزواج فخلال هذه الفترة يواجه الزوجان عادة بعض الصعوبات التي لم تخطر لهما علي بال، تثير فيهما نوعا من الشعور بخيبة الامل. وتدفعهما قسرا إلي عملية التحرر من اوهام المراهقة، ويتوقف نجاح الزوجين في المرور بعملية التحرر من اوهام المراهقة علي مدي رحابة الصدر، وسعي كل منهما لفهم اوجه الاختلاف في تذوق الطرف الآخر للامور، وآرائه فيها، وطرق معالجتها. وعلي اساس هذه المعرفة يبذل كل الجهد ليتقرب من جانبه نحو الطرف الآخر، بالتوفيق التدريجي بين اسلوبي التفكير والتصرف، حتي يمتزجان وتزول الفروق والاختلافات. فترة الحمل الاولي: تنشأ خلالها الازمة الثانية، وتسبب للزوجة شعورا يختلط فيه الخوف بالبهجة، كما يشعر الزوج بالقلق بسبب المسئوليات الاقتصادية والاجتماعية المرتقبة، وبعد مولد الطفل الاول يشعر الاب بأن مزاحما جديدا يقاسمه اهتمام الام ورعايتها، وعلي الزوجة ان لا تنسي ان الزوج طفل كبير. دخول اصغر الاولاد المدرسة: تجد الزوجة حينئذ وقتا لتهتم بنفسها وبزوجها، فتبتهج، وتقبل علي مرحلة جديدة تجدد فيها احلام الشباب وما بعد شهر العسل، غير ان تغير العادات والاستعدادات لا يفي بالمتطلبات، ونادرا ما يشعر الزوج بالتجدد العظيم في مشاعر زوجته وتنشأ الازمة الثالثة.. ازمة عدم تجاوب من الزوج يؤدي إلي احباط مشاعر الزوجة، وعلي الزوج ان يتلافاها وما يترتب عليها من مخاطر، بأن يستعيد مع زوجته مشاعر الايام الخوالي. متاعب اختلاف الجيلين: الازمة الرابعة تترتب علي متاعب الاختلاف بين الجيلين.. جيل الاولاد الذين بلغوا سن المراهقة، وجيل الوالدين بما لهما من سلطات. فاذا كانت هناك خلافات دفينة في اغوار العلاقات الزوجية فانها تطفو علي سطع سلوك الزوجين، فلا يزيد ذلك الاولاد المراهقين الامغالاة في التحرر من سيطرة الوالدين. ويتهم كل من الزوجين الآخر ويعتبره سبب فساد تربية الاولاد وتسوء العلاقات بينهما، لكن كيف يمكن تفادي الازمة؟ لا توجد قواعد ثابتة تصلح لتوجيه كل مراهق ومراهقة. غير ان تخفيف حدة سلوك المراهق والمراهقة امر ممكن إلي حد بعيد عن طريق المصارحة بين الابوين، وتحليل كل موقف من وجهة نظر كل طرف، احناء الرأس لريع اي اختلاف بشأن تربية الاولاد، يحمل في طياته احتمال مواجهة حامية تنشب بين الوالدين. ملاحقة الاولاد بعد زواجهم: ازمة اخري حيث يكبر الاولاد ويتركون البيت إلي بيوت مستقلة مع ازواجهم وزوجاتهم، يستعيد الرجل ذكرياته ويستعرض انجازاته، ويمني بجودة الرعاية الزوجية الغائبة، بينما تشعر الام بالاسي علي هجران اولادها، وتفكر فيما عساها تصنع في وقت فراغ طال وامتد. فاذا تعلقت هي باولادها ولم تتخلص من عادة مواصلة الاهتمام بهم وتعقبهم، تفاقمت الازمة، اما اذا حاولت البدء في اكتشاف احتياجات زوجها، واذا هو تعلم كيف ينقي الجو معها من آثار مرحلة تربية الاولاد، فانهما ربما يكتشفان ان حياتهما الزوجية تبدأ من جديد. المرض والشيخوخة: تلك الازمة تظهر في اي وقت من عمر الزواج، وان كانت تجئ عادة في سن الشيخوخة.. الوهن، والمرض المزمن، والعجز، كلها اضرار تدق جدران الحياة الزوجية بعنف مدمر، قد لا يصمد امامها بنيان الزوجية ما لم يكن الزواج مشيدا علي اسس اختيار سليم، وما لم تكن جدرانه مبنية بلبنات الحب والحنان والعطف والادراك السليم. يجب ان تتغلب تلك المشاعر الطيبة علي اليأس والانانية وان يرعي الطرف السليم قرينه المريض ويتحمل عبأه مستعينا بالصبر والايمان، باذلا نفس الجهد وحسن المعادلة التي كان يتوقعها لو انه كان الطرف المريض.