خريطة الحركات الإسلامية الماليزية
خريطة الحركات الإسلامية الماليزية
بقلم: محمد شريف بشير
يبلغ عدد سكان ماليزيا حوالى 27 مليوناً وفقاً لتقديرات عام 2007، يتألفون من مجموعات متعددة عرقياً، ودينياً، وثقافياً. ويشكل الملايو أو السكان الأصليون 66%، والصينيون 26%، والهنود 7%، بينما لا تتعدى المجموعات العرقية الأخرى 1% من عدد السكان.
وتدين الغالبية العظمى من الملايو بالإسلام، أما الصينيون فيتوزعون بين البوذية والكونفوشيوسية، ويدين الهنود بالهندوسية، بينما تدين نسبة قليلة من الصينيين والهنود بالإسلام أو النصرانية، إلى جانب المعتقدات الروحانية السائدة في ولايتي صباح وسراواك بجزيرة بورنيو ومناطق سكان الغابات الأصليين.
اللغة الرسمية هي الملايوية، وتُستخدم الإنجليزية كلغة ثانية، بينما تتحدث كل قومية بلغتها الخاصة، ويُسمح لها باستعمالها في التعليم ووسائل الإعلام المختلفة.
ويعود تاريخ الحركة السياسية الإسلامية في ماليزيا إلى تأسيس حزب المسلمين المعروف بـ(حاميم) في 14 آذار 1948، وقد تأثرت كافة تيارات الحركة في أطروحاتها الفكرية بحركة الإخوان المسلمين في مصر وحركة ماشومي في إندونيسيا والجماعة الإسلامية في باكستان. لكن كان عمر هذا الحزب قصيراً بسبب اعتقال قيادته تحت قانون الطوارئ في عام 1948 من جانب الإدارة الإنجليزية المحتلة.
وتتنوع خريطة الأحزاب والحركات الإسلامية في ماليزيا كالتالي:
الحزب الإسلامي الماليزي (باس)
في عام 1951 دعا القسم الديني في حزب المنظمة الوطنية الملايوية المتحدة «أمنو» إلى تأسيس اتحاد علماء ماليزيا، وتغير فيما بعد اسم هذا الاتحاد إلى الوحدة الإسلامي الماليزي «باس» ككيان مستقل منفصل عن «أمنو»، ونتيجة لخلافات سياسية بين قيادات «أمنو» وتنكو عبد الرحمن مؤسس ماليزيا وأول رئيس وزراء لها، اتخذ أعضاء اللجنة التنفيذية لحزب «باس» قراراً بعدم الانحياز لأيّ من الأطراف في هذا النزاع، وأعلنوا استقلال تكوينهم، وتعين رئيس لهم في تشرين الثاني 1953، واستمروا في العمل الدعوي والتربوي بجانب المشاركة السياسية في ولايتي كلنتان وترينغانو في شمال ماليزيا.
واستطاع الحزب المشاركة في العمل السياسي خلال حقبتي الستينات والسبعينات، وسيطر على ولاية كلنتان لسنوات طويلة، وولاية ترينغانو لفترات محدودة، وتحالف الحزب الإسلامي مع حزب «أمنو» لمدة قصيرة في 1973-1977.
وخلال فترة الثمانينات حيث توهجت الصحوة الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي، زاد الحزب الإسلامي من أنشطته السياسية والاجتماعية، واستقطب قطاعات كبيرة من أساتذة الجامعات وعلماء الدين والمهنيين والطلاب، وتمدد نفوذه في ولايات الشمال والساحل الغربي لماليزيا.
في برنامجه السياسي يدعو الحزب إلى تطبيق الشريعة الإسلامية ويطالب بإصلاحات قانونية وإدارية وتربوية، ويعتبر قبول الحزب الإسلامي بالنظام الديمقراطي، وإيمانه بالتداول السلمي للسلطة، ومشاركته السياسة السلمية من أسباب الاستقرار الذي تحظى به ماليزيا، رغم وقوفه في جانب المعارضة، ويترأس الحزب حالياً الأستاذ عبد الهادي أوانغ، ويعتبر الشيخ نيك عبد العزيز مرشداً عاماً له، وفي نفس الوقت يترأس مجلس وزراء ولاية كلنتان.
حركة الشباب المسلم «أبيم»
تأسست في 6 آب 1971 وسجلت رسمياً في 1972، وعقد مؤتمر «أبيم» الأول في 1972 في كوالالمبور وتكونت نواته الأولى من طلاب وخريجي الجامعات الذين جذبتهم حركة الإخوان المسلمين في مصر والجماعة الإسلامية في باكستان، وكانوا على اتصال بالمنظمات الطلابية الإسلامية داخل ماليزيا وخارجها، وكان الحزب يضم في صفوفه إسلاميين يصفون أطروحات الحزب الإسلامي بأنها تقليدية ولا تستجيب للتحديات المعاصرة في العمل السياسي، وفي 1974 اختير أنور إبراهيم رئيساً للحركة، ولكنه في 1982 استقال من رئاسة الحركة وشارك مع الحزب الحاكم «أمنو» استجابة لعرض مهاتير محمد.
ويترأس الحركة حالياً يسري محمد؛ الذي اختير في آب 2006، ويلاحظ في عضوية الحركة أنها تمثل كافة المسلمين الماليزيين دون النظر إلى القومية، ولديها مؤسسات تعليمية وخدمية وجمعيات مدنية عديدة.
جمعية إصلاح ماليزيا
تكونت النواة الأولى لجمعية إصلاح ماليزيا من الطلاب الماليزيين المبعوثين بالجامعات البريطانية خلال فترة السبعينات، وكانت لهم أنشطة ثقافية ودعوية من خلال ما عرف بمجلس المندوبين الإسلامي؛ وبعد تخرجهم وعودتهم إلى ماليزيا فشلوا في العمل مع باس وأبيم.
واختيرت أول لجنة تمهيدية للجمعية سنة 1989، وبعد ثلاث سنوات من تكوينها اختارت الجمعية رئيساً لها عام 1991 معلنة عن نفسها كمنظمة تعمل وفقاً للتعاليم الإسلامية؛ وتم تسجيلها في 27 من تموز 1997، وتعتبر نفسها هيئة غير حكومية تهدف إلى الإصلاح والإرشاد الإسلامي بطريقة معاصرة وواقعية وبوسائل مبتكرة، يترأسها المهندس زيد قمر الدين منذ عام 2001، ولها منظمات دعوية ومدنية وإنسانية، وتنأى عن العمل السياسي المباشر.
جماعة الأرقم
يرجع ظهور هذه الجماعة إلى قيام أحد أتباع الطريقة الصوفية المحمدية؛ المعروف بالأستاذ أشعري بن محمد بتكوينها في مطلع الثمانينات، وكان له سابق ارتباط بالحزب الإسلامي لمدة عشرة سنوات (1958-1968)، وكانت له حلقات دراسية في العلوم الشرعية في العاصمة كوالالمبور، وبعدها قام بإنشاء جماعة دار الأرقم، وخلاصة أفكار هذه الجماعة تدور حول إصلاح الفرد، والتركيز على الأسلوب الصوفي في التربية بالاعتماد على الطريقة المحمدية، ولكنها تمارس تقديس الشيخ المؤسس «أشعري» وتنسب بعض الكرامات والخوارق إليه كتأجيل الممات وادعائه المهدية، وفي آب 1994 أصدر مجلس الفتوى الوطني الماليزي فتوى تنص على تحريم هذه الجماعة ومنع نشر تعاليمها.
وبعد إظهاره معارضة لرئيس وزراء ماليزيا «مهاتير محمد»، تم وضعه رهن الإقامة الجبرية لمدة عشر سنوات، وذلك بموجب قانون الأمن الداخلي، ومُنعت الجماعة من القيام بأي نشاط، وعندما أطلق رئيس الوزراء عبد الله بدوي سراحه أعلن استعداده للتعاون مع حكومته.
حزب العدالة الشعبية
أسسته السيدة «وان عزيزة وان إسماعيل» زوجة الزعيم الإسلامي «أنور إبراهيم» في نيسان 1998م، إثر الأزمة السياسية العاصفة بين رئيس وزراء ماليزيا السابق «مهاتير محمد» وزوجها الذي كان نائباً لرئيس الوزراء، وأدت إلى عزل «أنور إبراهيم» وأتباعه من مواقعهم الحكومية، وتجريدهم من عضوية التحالف الحاكم، وبذلك يُعد الحزب واجهة سياسية لحركة الشباب المسلم بعد هذه الأزمة.
كانت أهداف الحزب في البداية موجهة نحو دعم قضية «أنور إبراهيم»، واستعادة دور جماعته في الحياة السياسية، ثم ما لبث أن تطور خطاب الحزب ليصبح حزباً قومياً يضم بين أعضائه كافة الماليزيين بغض النظر عن الدين والعرق، وعليه فإن الحزب ينادي بإعادة نزاهة وكفاءة المؤسسات العامة، وحماية الديمقراطية، وحماية حقوق الإنسان، والتوزيع العادل للدخول والثروات، وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الماليزيين، وبعد خروج «أنور إبراهيم» من السجن، وتبرئة ساحته من الجرائم الأخلاقية، أصبح مستشاراً للحزب.