قال الله تعالى في سورة الحج: 27/28 ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات...... ) فالحج لغة القصد وشرعا قصد البيت الحرام للنسك في أيام معلومة بنية معلومة عن أبي هريرة قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال: (يا أيها الناس، إن الله فرض عليكم الحج) فقام رجل فقال: أوفي كل عام؟ حتى قال ذلك ثلاث مرات ورسول الله يعرض عنه ثم قال: (لو قلت: نعم لوجبت ولو وجبت لما قمتم به) ثم قال: (ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فما أمرتكم من شيء فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم من شيء فاجتنبوه) صحيح ابن حبان. فالحج ركن من أركان الإسلام عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان ) صحيح البخاري وهو مجتمع إسلامي من أكبر المجتمعات في العالم وهي رحلة والله من أعظم الرحلات التي يمكن للإنسان أن يتمتع فيها حيث الراحة والطمأنينة تكمن في تنفيذ شرع الله تعالى الذي رسمه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم يقل الله تعالى (( إلا بذكر الله تطمئن القلوب )) الرعد 28 ولا راحة مطلقا في البعد عن تعاليم الله تعالى وتنفيذ سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فمن اتبع هُدى الله وهَدي رسول الله فلا يضل ولا يشقى ورحلة الحج تذهب الغم والهم وتقضي على القلق النفسي فضلا عن أنها تغفر الذنب ويلقى العبد ربه وليس عليه شاهد بذنب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) رواه البخاري وعن ابن عباس رضي الله عنهم قال: بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته أو قال فأوقصته قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا ) صحيح البخاري أن هذا الرجل الذي مات على إحرامه يبعث آمنا يوم الفزع مطمئنا يوم الخوف ملبيا يوم القيامة وكأنه لم يذق موتا ولم يعرف حشرا ولا نشرا وكأنه ما زال يؤدي مناسك الحج مع نبيه صلى الله عليه وسلم لإخلاص نيته وصدق طويته وموته على حالته. الحج المبرور هو ما أداه العبد بمال حلال وصدقت فيه النية لله الكبير المتعال نية خالية من الرياء والسمعة والمفاخرة والشهرة يطلب بها رضا الله ورضوانه ورحمته ومغفرته أن صاحب الحج المبرور يعود زاهدا في الدنيا مقبلا على الآخرة بعيدا عن المعصية قريبا من الطاعة متفرغا لعبادة ربه والعمل الصالح الذي يذكره بالآخرة ولا ينسيه الدنيا الفانية (( ولا تنس نصيبك من الدنيا )) القصص 77 الحج المبرور هو من أحرم صاحبه لله تعالى بعد أن تخلص من الظلمات ومن السيئات بتوبة صادقة نادما على ما فات عازما على ألا يعود وقد رد المظالم إلى أهلها والتي لم يستطع ردها فوض فيها الأمر لله قائلا اللهم إني جئت لك من بلاد بعيدة بذنوب كثيرة وأعمال سيئة اللهم ما كان لك فاغفره لي وما كان لعبادك فتحمله عني يا رب العالمين الحج المبرور هو من أدى صاحبه المناسك كاملة كما تعلم من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقد حج النبي صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعا بداية من الحج الأسود وانتهاء به مقبلا له إن استطاع لمس الحجر وتقبيله فعل وإن لم يستطع يشير إليه مكبرا ثم يصل ركعتين عند المقام بنية الطواف (( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى )) البقرة 125 وإن كان الزحام شديد فالحرم كله مصلى ويسعى بعد ذلك بالصفا والمروة سبعا نبدأ بما بدأ الله به (( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم )) البقرة 158 يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة وبعده يحلق أو يقصر إن كان متمتعا وإن كان قارنا أو مفردا فليستمر على إحرامه ويقضي الحاج معظم وقته يغتنم الفرصة في الحرم حتى يتعرض للرحمات من رب الأرض والسماوات. وفي يوم التروية اليوم الثامن من ذي الحجة يذهب إلى منى طالبا الحج المبرور ليصلي بها الظهر والعصر والمعرب والعشاء وفجر يوم عرفة على منى وإذا أشرقت شمس يوم عرفة توجه إلى عرفة وصلى بها الظهر والعصر قصرا وجمعا ووقف مع الواقفين الداعين الملبين المخلصين لله رب العالمين وإذا غربت الشمس نزل إلى المزدلفة ليصلي المغرب والعشاء جمع تأخير للمغرب قاصرا للعشاء جامعا للجمرات بعدها يمر على المشعر الحرام ذاكرا لله تعالى كما قال في القرآن الكريم في سورة البقرة 198 (( فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام )) وبعده إلى منى وفي صباح العيد يرمي جمرة العقبة الكبرى بسبع حصيات مكبرا عند كل حصاة يرميها قائلا الله أكبر طاعة للرحمن ورجما للشيطان ثم ينحر الهدي ويحلق أو يقصر والحلق أفضل وبهذا يتحلل من إحرامه ويسمى التحلل الأصغر يباح له كل شيء إلا الزواج والنكاح والتحلل الأكبر يكون بالذهاب إلى مكة لطواف الإفاضة ثم العودة إلى منى للمبيت بها ورمي الجمار الثلاث بعد الزوال من يوم اليوم الحادي عشر من ذي الحجة ثم المبيت مرة ثانية بمنى ورمي الجمار الثلاث من اليوم الثاني عشر وإذا أراد تعجلا رحل عن منى قبل غروب الشمس وإلا بات ورمى اليوم الثالث عشر (( واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى )) البقرة 203 وبهذا يقابله ربه بمغفرة ذنبه ويعود من رحلته ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) رواه البخاري. هذا والله أعلى وأعلم أنس فرج محمد فرج