نسخة معالجة ومخفضة من كتاب التعددية الدينية في فلسفة جون هيك المرتكزات المعرفية واللاهوتية د. وجيه قانصو
يتناول د.وجيه قانصو في كتابه "التعددية الدينية في فلسفة جون هيك الكاتب" الصادر عن الدار العربية للعلوم التعددية الدينية من زاوية ان البحث اللاهوتي أو الكلامي في هذه المسألة، ينطوي على بحث في إمكانية التعايش مع الآخر، وأيضا في امكانية تعدد مصادر الحقيقة وتنوع سبل الهداية. ويرى الكاتب في المقدمة، أن "بحث التعددية ليس ترفاً فكرياً، بل واقع موضوعي تم تجاهله، لأننا استغرقنا في ذاتنا ولم نعِ ان هنالك آخر يملك نصيباً متساوياً في الحقيقة التي يملكها أي منا. وقد بين الاحتكاك اليومي مع اتباع الاديان في العالم، أن هذه الأخيرة ليست فعلاً تاريخياً عارضاً، بل هي مشهد أصيل من نسيج المجتمعات الانسانية. فكما أن التاريخ الانساني عبارة عن سياقات متداخلة لتمظهرات انسانية متعددة ومتنوعة، كذلك فإن تاريخ العلاقة مع الله هو تاريخ لتيارات روحية ودعوات ونبؤات وبشارات وتجارب شخصية وجماعية. على هذا الأساس".
ويعتبر المؤلف، أن "التعددية الدينية حقيقية موضوعية قائمة متحققة بأشكال مختلفة لا تقل واقعتيها عن أي ظاهرة انسانية بديهية، أو عن أي معطى عقلي أو حسي لا نتكلف عناء اثباته".
يقول جون هيك، موضوع الدراسة، ان "الاديان العظمى في العالم، هي استجابات مختلفة لذات الحقيقة المحتجبة بذاتها عن اي ادراك بشري، الا انها، مع ذلك، حاضرة في وجودنا ونتعرف اليها ونتفاعل معها عبر نظم دينية متعددة، يتضمن كل منها نصوصاً مقدسة، وتجارب روحية، ونظم معتقدات، وذاكرة دينية جمعية، وتعابير ثقافية، وقوانين وعادات واشكالاً فنية، تمثل، جميعاً، كيانات دينية تاريخية ذات طبيعية معقدة وشاملة. وهي تعبر عن استجابات بشرية متنوعة لحقيقة الالهية القصوى".
ويتوسع الكاتب في مناقشة هذه المفاهيم من منطلق ان "التعددية الدينية ملازمة للتعددية المجتمعية. كذلك، فإن الاستجابة للدين والانجذاب لحقائقه والاذعان لأدلته هو أيضاً متعدد، لأنه يحصل عبر نمو نفس وفي مراحل تشكل الذات داخل مجتمعها ومحيطها. من هنا، يعتقد المؤلف أن الالتزام بالقيم والانجذاب الى حقائق التعالي، والرغبة في توليد تجربة روحية داخلية، لا تنبع، فقط، من دوافع فطرية، بل تأتي أيضاً في سياق تجربة الاستجابة للآخر الكبير الذي هو المجتمع".
يؤكد الكاتب، في هذا السياق، ان البحث في التعددية الدينية، يستدعي، "بالضرورة وبشكل تلقائي، البحث في أعمال المفكر الكبير جون هيك. إذ يعتبر هذا الأخير، في نظر الكثيرين، رائد البحث التعددي الأول. والسبب في ذلك، ان التعددية بالنسبة اليه، ليس موضوعاً في البحث العلمي أو اللاهوتي فقط، بل تمازجت تجربته الفكرية مع تجربته الشخصية، فكانت رؤاه ثمرة تحول ذاتي، وحصيلة تجربة مع الآخر، وخلاصة مسار معرفي ولاهوتي طويل".
يتضمن الكتاب الفصول الآتية: سيرة جون هيك الشخصية والعلمية، اشكالية التعددية الدينية، ويتناول مسار اللاهوت المسيحي في موقفه من سائر الأديان، ويعرض اشكالية التعددية الدينية ومنطلقات الثورة اللاهوتية التي دعا اليها جون هيك، الفصل الثالث ويعرض فيه فكرة الحقيقة العليا لدى الاديان الكبرى، كما يبحث في الجامع بين التسميات والاوصاف الالهية المتعددة، الرابع بعنوان: نموذج جون هيك المعرفي، الخامس ويدور حول تناقض الادعاء في الحقائق الدينية، السادس ويناقش اشكالية الخلاص، السابع ويتطرق الى الدين والتجربة الدينية، الثامن حول الكريستولوجيا والتعددية الدينية، التاسع ويشتمل على نقد وتقويم للنقاط المفصلية في مشروع جون هيك التعددي.