كما قلنا من قبل، الشهب هي أجرام صغيرة صلبة بعضها حديدي والبعض الآخر صخري وكلها ناتجة عن فتات الكويكبات والنيازك، لكنها على الأغلب تحدث بسبب المذنبات كما سنرى الان. وأقلها مؤلف من أجرام هشة نسبيا وصغيرة الحجم، تتركها المذنبات خلفها فوق المنطقة التي يتقطع مدارها مع مدار الكرة الأرضية، فلا تلبث تلك الأجسام الصغيرة أن تهوي إلى سطح الأرض فتحترق في الغلاق الجوي مكونة، شهبـــــا. ولا يدعى الجرم شهابا إلا بعد دخلوه الغلاف الغازي الأرضي ويحترق فيه بكامله، ساحبا وراؤه خطا من النور الوهاج، ومخلفا في الجو رمادا رقيقا يهبط بعضه إلى سطح الأرض بينما يبقى الآخر معلقا في الجو لتتكاثف عليه قطرات المطر والثلج. ويستطيع الإنسان الذي يراقب السماء ليلا باستمرار أن يشاهد حوالي 5 شهب، علما بأن ما لا يقل عن 20 مليون شهاب تخترق جو الأرض سنويا. كما يختلف عدد الشهب التي تدخل الأرض باختلاف الفصول والأشهر، بل حتى باختلاف ساعات الليل؛ فعدد الشهب التي تدخل جو الأرض في أول الليل يقل عن عددها قرب ساعات الفجر أو آخر الليل، وذلك لأن الأرض تكون في مقابلة المنطقة المساوية التي تحفل بالأجرام السماوية تلك أكثر من غيرها. وفي فصلي الصيف والخريف يتزايد عدد الشهب المتهاوية في السماء.. والسر في ذلك أن الأرض تكون قد دخلت في تلك الأشهر المنطقة التي تخلف فيها المذنبات قسما من بقايا ذيلها أثناء دورانها حول الشمس، حيث تبقى تلك المواد معلقة لسنين طويلة في الجو قبل أن تحترق بكاملها أو يبلغ ما استدق منها سطح الأرض كغبار نيزكي. ومعظم الشهب تحترق باكملها وهي على ارتفاع 70كم من سطح الأرض.
زخات (همــــرات) الشهب قد يحدث أحيانا أن ينهمر عدد كبير جدا من الشهب في ذات الوقت، وقد يستمر ذلك لفترات قد تطول أو تقصر، ويقدر ما يتهاوى منها في ساعة بأكثر من 4000 شهاب!. وتسمى هذه الحالات بهمرات أو زخات الشهب، وقد كان الناس قبل معرفتهم سبب حدوث مثل هذه الهمرات، يصابون برعب شديد مسيطر، حيث كان الظن سائدا أن النجوم قد بدأت بالتهاوي إلى سطح الأرض وأن القيامة ستقوم على الأرض وأهلها. وبعد دراسة العلماء لهذه الظاهرة تبين أنها ناتجة عن بلوغ منطقة أحد مدارات المذنبات حول الشمس حيث تدخل البقايا كما قلنا جو الأرض وتتهاوى محترقة كشهب، وما عن تتجاوز الأرض تلك المنطقة حتى يتوقف سيل الشهب المنهمرة.
رسم تصويري لعاصفة الشهب في ليونيد عام 1833
وهناك جداول خاصة أعدها العلماء بعد مراقبة وجهد كبير وعناء بالغ لتحديد مواعيد الهمرات ومسمياتها، وتعطي الهمرات أسماء المذنبات التي تخلفت بسببها، وبعضها يعطى اسماء كويكبات نجمية حيث يخيل للناظر أنها قادمة منها، فهمرة هالي ناتجة من مذنب هالي بينما همرة الجبار وفرساوس نسبة إلى كويكبتي الجبار وفرساوس.