البحث العلمي والتدريس
البحث العلمي ضرورة تربوية
ترقى الأمم وتتقدم في العصر الحالي بقدر ما تحرزه من تطور في ميدان البحث العلمي، ولقد أدركت دول عديدة هذا المبدأ، وأخذت تسعى بكل ما توافر لها من جهد وطاقة إلى تطوير مجتمعاتها مادياً وفكرياً، على أساس من البحث العلمي الجاد والمتواصل، وفي سعيها نحو تحقيق هذه الغاية؛ كان البحث العلمي هو الركيزة التي شيدت عليها تلك الدول القواعد الأساسية للتنمية الشاملة والمتوزانة.
ففي التقرير الذي نشرته اليونسكو عام (1995) عن نسبة الإنفاق على البحث والتطوير بالنسبة للناتج المحلي، أن الدول المتقدمة تنفق المليارات على مجالات البحث والتطوير؛ مما يلعب دوراً مهماً في تشكيل نمط الحياة المعاصرة، فقد بلغت النسبة (3.5%) في اليابان، وفي الولايات المتحدة وألمانيا (2.8%)، وفي دول أوروبا (2.1%)، وفي دولة الصهاينة (1.8%). أما في الدول العربية فقد بلغت نسبة الإنفاق في مصر التي تعتبر في طليعة البلدان العربية في مجال البحث (0.34%)، وفي الأردن (0.28%)، وفي المغرب (0.22%)، وفي بقية الدول العربية تراوحت نسبة الإنفاق ما بين (0.11% - 0.03%) من ميزانياتها العامة.
ولا تستطيع أي أمة أن تحقق ما تتمنى في المجالات المختلفة إلا إذا اتجهت إلى إعداد أجيال من الباحثين العلميين في مختلف الميادين، حتى يعدوا أفراد المجتمع إعداداً علمياً، يمكنهم من الانتفاع بنتائج الأبحاث العلمية، واستخدام أساليب البحث العلمي في مختلف جوانب الحياة، وتقدير جهود الباحثين العلميين؛ وذلك لمواجهة المستقبل بكل متطلباته ومشكلاته: التربوية، والصحية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتكنولوجية.
إن تدريب المدرسين على البحث العلمي وتشجيعهم على القيام به في الفصول الدراسية يمثل أولوية وضرورة مهمة تنعكس على العملية التربوية التي تتطلب التنمية. ومن هنا ينبغي أن تضع كل دولة عربية في خططها التعليمية برامج شاملة لتدريب المدرسين على اختلاف مستوياتهم التعليمية على البحث العلمي في التربية؛ وبهذا يتم التأسيس لقاعدة عريضة من المدرسين تتمكن من مفاهيم البحث العلمي ومهاراته، وتسهم في توجيه حركته وتنميته باطراد.
فكلما نمت الخبرات البحثية لدى الطالب الجامعي؛ زادت فرص إسهامه في مجتمعه بإيجابية بعد تخرجه، واستطاع أن يواصل دراسته العليا بغير عناء كبير. إن تعويد الطالب على التفكير الناقد وعلى التنقيب عن المعلومات والحصول عليها، وتحليلها وتنظيمها وتفسيرها، ضرورة تعليمية جامعية، وهي إحدى الجوانب المهمة في حضارة الإنسان المعاصرة.
مما يتطلب ضرورة تدريب الطلبة الجامعيين على كتابة أوراق الأبحاث وإعداد الخطط البحثية، وعدم الانتظار إلى حين تخرجهم وتعيينهم مدرسين، ومن ثم عقد دورات تدريبية لهم في البحث العلمي.
وبالرغم من الاقتناع بأهمية تدريب الطالب الجامعي على البحث العلمي فإن أساتذة الجامعات منشغلون بأمور أخرى كثيرة عن البحث العلمي، ولا تمكنهم بصورة فعالة من تدريب طلابهم تدريباً كافياً عليه. بالإضافة إلى أن مساقات البحث التربوي في الجامعات على قلتها لا تساعد الطالب على الإلمام الكافي بأصول البحث والتمكن من مهاراته، بحيث يستطيع أن يقوم بالتخطيط لبحث يقوم به بنفسه أو حتى تحت إشراف أستاذه. ومن هنا كان من الضروري العناية بالبحث التربوي سواء في المساقات الجامعية أم في برامج تدريب المعلمين.
البحث العلمي والتدريس
موضوع: البحث العلمي والتدريس
