فيزيولوجية الجسم- قوة الحركة
فيزيولوجية الجسم- قوة الحركة
إحدى أقوى النقاط المتميزة التي حققتها في السنوات العشر الأخيرة هي ما اكتشفته من أن العاطفة تنتجها الحركة. فكل ما نشعر به هو نتيجة للطريقة التي نستخدم بها أجسامنا، حتى أكثر التغييرات دقة في تعابير وجوهنا أو في ملامحنا إنما تبدل الطريقة التي نشعر بها في أي لحظة من اللحظات، وبالتالي الطريقة التي نقيّم بها حياتنا. باختصار، طريقة تفكيرنا وطريقة فعلنا.
كل عاطفة تشعر بها إنما ترتبط بفيزيولوجية محددة: بوضعية جسمك، وفي نمط تنفسك، أو أنماط حركتك وتعبيرات وجهك. لدى كل منا ما يزيد على ثمانين عضلة في الوجه، وإذا اعتادت هذه العضلات على التعبير عن الاكتئاب، أو الملل، أو الإحباط فإن هذه الأنماط العضلية التي تعودت على ذلك النمط المعين تبدأ في إملاء وضعياتنا علينا، كما تؤثر ولا شك على شخصيتنا الجديدة. وهناك عواطف عدة يمكن أن يشعر بها الفرد في أسبوع مثل التوتر، الإحباط، الغضب، عدم الأمان، الوحدة، الملل، التعاسة، السعادة، الشعور بالراحة والفرح، الحب، الإثارة، والغبطة.
يمكنك أن تجرّب أياً من هذه العواطف بتبديل الطريقة التي تستخدم فيها جسمك يمكنك أن تشعر بأنك قوي، يمكنك أن تبتسم، وأن تبّدل كل ما تحسّ به في غضون دقيقة واحدة بأن تضحك. ولابد أنك سمعت يوماً القول السائر: " ستتذكر هذا وتضحك منه يوماً ما ! " فإذا كان هذا صحيحاً فلماذا لا تنظر إلى الوراء الآن وتضحك؟ لماذا تنتظر؟ أيقظ جسمك، وتعلّم أن تضعه في مواضع ممتعة باستمرار مهما كانت الظروف. كيف؟ اخلق الطاقة اللازمة لذلك بالطريقة التي تفكر فيها بشيء ما مرة بعد مرة، وستغيّر الأحاسيس التي تربطها بهذه المناسبة في المستقبل.
إذا استخدمت جسمك بسبل ضعيفة، إن خفضت كتفيك باستمرار، وإن مشيت دائماً وأنت متعب، فستشعر بالتعب دائماً. كيف يمكنك أن تتجنّب ذلك؟ إن جسمك هو الذي يقود عواطفك، فالحالة العاطفية التي تسيطر عليك تبدأ في التأثير على جسمك وتصبح بمثابة أنشوطة لا نهاية لها. لاحظ كيف تجلس الآن وأنت تقرأ هذا المقال. استقمْ في جلستك في هذه اللحظة وأبعث المزيد من الطاقة في جسمك دون أن تكتفي بالقراءة فحسب بل حاول أن تتقن هذه المبادئ أيضاً، ما هي الأشياء التي يمكنك القيام بها على الفور لتبديل وضعيتك، وتبعاً لذلك لتبديل مشاعرك وأدائك لمهام حياتك. خذ أنفاساً عميقة عبر أنفك ثم أزفر عبر فمك. ارسم ابتسامة كبيرة على وجهك، وواجه بها أبناءك. وإذا كنت تريد حقاً أن تغير حياتك، فالتزم بأن تقضي دقيقة واحدة خمس مرات في اليوم وأنت ترسم ابتسامة تمتد من الأذن إلى الأذن وتنظر في المرآة. قد يبدو هذا الأمر سخيفاً. ولكن تذكّر، أنك بهذه الحركة البدنية إنما تطلق زناد ذلك الجزء من دماغك وتخلق مساراً عصبياً للسرور والمتعة التي تصبح بمثابة عادة لديك. لذا عليك أن تفعل ذلك وتجعل منه أمراً فيه تسلية لك. وقد يكون من الأفضل لك أن تذهب في جولة قفز بدلاً من الهرولة، إذ إن القفزهو أسلوب مؤثر لتغيير وضعيتك لأنه يحقق أربعة أشياء:
1) إنه رياضة ممتازة 2) لا يحدث الكثير من الضغط على جسمك مثل الركض. 3) لن يمكنك من الاحتفاظ بوجه متجهم. 4) ستدخل السرور على من يمرون بك. لذا فإنك بذلك تبدّل مزاجك ومزاج الآخرين أيضاً. ما أقوى نغمة الضحك. لي صديقة تضحك بكل سهولة بحيث أن ضحكتها تصبح معدية لدرجة أن كل من يسمعها يأخذ في الضحك أيضاً. فإذا كنت تريد تحسين نوعية حياتك فعليك أن تتعلم أن تضحك. وإلى جانب ابتساماتك الخمس في كل يوم والتي ذكرناها من قبل حاول أن تضحك بدون سبب ثلاث مرات في اليوم.
لماذا لا تحاول أن تجد شخصاً يضحك وتقلده؟ حاول أن تقضي وقتاً ممتعاً. قل له:
" هل يمكنك أن تقدّم لي خدمة؟ ضحكتك رائعة، وأود أن أضحك مثلك. هل يمكنك أن تعلمني ذلك؟. لا شك أنكما ستنفجران في الضحك. تنفّس بنفس الطريقة التي يتنفس بها، اتخذ نفس الوضعية التي يتخذها وقلّد حركات جسمه، واستخدم تعابير وجهه ذاتها وأطلق نفس الأصوات. ستشعر بأنك تافه في البداية ولكنك ستتقبل الأمر فيما بعد، وتضحكان معاً ضحكاً هستيرياً لأنكما تبدوان كلاكما سخيفين. ولكنك ستضع بذلك أسس الشبكة العصبية التي تخلق الضحك على نحو مستمر، وحين تكرر ذلك مرة بعد مرة فإنك ستجد أن من السهل عليك أن تضحك وستقضي أوقاتاً ممتعة دون شك"؟.
يمكن لأي شخص أن يبقى يشعر شعوراً حسناً إن كان يحس حالياً بأنه في وضع حسن، أو إذا كان يتمرغ في النعيم، إذ لا يلزم لمثل هذا الشخص جهد كبير لتحقيق هذا الشعور. غير أن مفتاح الأمور في هذه الحياة هو أن تتمكن من أن تحمل نفسك على أن تشعر شعوراً حسناً إذا كنت لا تحس في الواقع بهذا الشعور، أو حين لا تريد أن تشعر شعوراً حسناً. عليك أن تعرف بأنه يمكنك ذلك على الفور، إذا استخدمت جسمك كأداة لتبديل وضعيتك. إذ إنك ما أن تحدّد السمات الفيزلوجية المرتبطة بوضعية ما فإنك تستطيع أن تستخدم هذه السمات لخلق هذه الوضعيات كلما أردت ذلك.
إن مفتاح النجاح هو أن نخلق أنماطاً من الحركة التي تخلق لدينا الشعور بالثقة والإحساس بالقوة والمرونة وبالقوة الشخصية والمرح. عليك أن تدرك بأن حالة الركود والتعفن إنما تنبع من عدم الحركة. هل يمكنك أن تفكّر في شخص متقدم في السن، ممن لم يعودوا يتحركون كثيراً؟ إن العجز لا يعود إلى أسباب تتعلق بالعمر بل إلى الافتقار للحركة وفقدان الحركة الكلي والنهائي هو الموت. إذاً عليك أن تعيش عيشة مختلفة، أن يكون الربيع في خطواتك، وبسمة على وجهك. لماذا لا تجعل للمرح والغبطة والمزاح أولوية في حياتك؟ احرصْ على أن يكون الشعور الحسن هو القاعدة الأساسية في حياتك. فليس هناك ما يمنعك من ذلك، فأنت على قيد الحياة ويمكن لك أن تشعر شعوراً حسناً دون أن يكون هنالك سبب مباشر لذلك.