الحكم بن هشام
ولد الحكم بن هشام في عام 154 هـ في قرطبة للأمير هشام بن عبد الرحمن ثاني أمراء الدولة الأموية في الأندلس من جاريته زخرف.[1]
وقد بويع له بالإمارة بوصية والده في 8 صفر 180 هـ.[1] استهل الحكم حكمه عام 180 هـ بتوجيهه حملة عسكرية بقيادة عبد الكريم بن عبد الواحد بن مغيث لغزو ألبة والقلاع، عاد منها محملاً بالغنائم.[2]
وفي عام 181 هـ، استغل عمّـاه سليمان وعبد الله وفاة أبيه، وتسللا إلى الأندلس قادمين من منفاهما في المغرب، وتواصلا مع الثائرين في الثغر الأعلى. وفي العام نفسه، ثار عليه "أبو الحجاج بهلول بن مروان" في سرقسطة، و"عبيدة بن حميد" حليف عمه البلنسي في طليطلة. فأرسل الحكم إلى عمروس بن يوسف -زعيم المولدين في طلبيرة- ليؤلب أهل طليطلة على الثائرين. فراسل عمروس مولدي طليطلة، فاستطاعوا دحر الثورة وقتلوا "عبيدة بن حميد"، فولّى الحكمُ عمروس بن يوسف ولاية طليطلة.[3]
جمع سليمان بن عبد الرحمن -عم الحكم- جموعًا، وانضم إليه أخوه البلنسي، حاربا بها الحكم في إستجة وجيان وإلبيرة، بين عامي 182 هـ - 184 هـ، إلا أنهما هزما فيها جميعًا، إلى أن ظفر الحكم بعمه سليمان أسيرًا، فأمر بقتله عام 184 هـ، فيما فرّ البلنسي إلى عام 186 هـ، حيث طلب الأمان من الحكم، فأمنه على أن يقيم ببنيه في بلنسية،[3] بل وزوّج الحكمُ ابنَ عمه "عبيد الله بن البلنسي" من إحدى شقيقاته.[4]
وفي عام 189 هـ، تسرّبت إلى الحكم أخبار مؤامرة يدبرها بعض فقهاء وأقطاب قرطبة[5] -أمثال عيسى بن دينار ويحيى بن يحيى الليثي ويحيى بن مضر القيسي- الساخطين على سلوك الحكم مع بعض أقارب الحكم. فأمر بالقبض عليهم، وأعدم 72 رجلاً منهم "يحيى بن مضر القيسي" وعمّيه "أمية" و"كليب" ابنَـي "عبد الرحمن الداخل"،[6] وفر "يحيى الليثي" و"عيسى بن دينار".[7]
وفي عام 190 هـ، ثار البربر في ماردة، فسار إليهم الحكم بنفسه، إلا أنه ارتد سريعًا بعد أن بلغته أنباء التمرد في بعض ضواحي قرطبة، وأسكن التمرد. وظل البربر في ماردة على تمردهم يهزمون حملات الحكم المتوالية إلى أن أخضعهم الحكم عام 197 هـ.[8]
وفي عام 191 هـ، رتب الحكم بالتنسيق مع "عمروس بن يوسف" -واليه على طليطلة- وليمة لوجوه طليطلة الذين كانوا ينزعون للثورة على حكمه، ثم دبرا مذبحة أودت بحياة المئات منهم.[9]
وفي 13 رمضان 202 هـ، قام أهل قرطبة -خاصة سكان حي الربض الجنوبي- بثورة عظيمة ضد الحكم بن هشام، نتيجة زيادة الضرائب، وقيام الحكم بقتل عشرة من رؤوس المدينة وصلبهم، ثم قيام مملوك للحكم بقتل أحد أهل المدينة لأنه طالبه بثمن صقل سيفه.[10] فهاج أهل قرطبة -وخاصة أهل الربض الجنوبي- وتوجهوا نحو القصر لإسقاط الحكم بن هشام، فقاومهم الحكم بكل ما أوتي من قوة. ولم تنتهِ الثورة إلا بعد ثلاثة أيام بعد أن أفنى عددًا كبيرًا من الثائرين، ثم أمر الحكم بصلب ثلاثمائة من الثوار وهدم الربض الجنوبي بأكمله وتشريد أهله خارج قرطبة، حيث تفرقوا بين المدن وهاجر بعضهم إلى المغرب والإسكندرية،[11] وقد عرفت تلك الأحداث بوقعة الربض، وإليها يرجع تلقيب الحكم بن هشام بـ "الحكم الربضي"