يا من بأقذار الخطايا قد تلطخ ، وبآفات البلايا قد تضمخ ، يا من سمع كلام من لام ووبخ ، يعقد التوبة حتى إذا أمس يفسح ، يا مطلقا لسانه والملك يحصى وينسخ ، يا من طير الهوى فى صدره قد عشش وفرخ ، كم أباد الموت ملوكا كالجبال الشمخ ، أزعج قواعد كانت فى الكبر ترسخ ، وأسكنهم ، ظلــم اللحود و من ورائهم يرزخ، يا من قلبه من بدنه بالذنوب أوسخ ، يامبارز بالعظائم أنأ من أ ن يخسف بك أو تمسخ ، يا من لزم العيب بعد اشتعال الشيب ففعله يؤرخ .
عباد الله :أما الليالى والأيام تهدم الآجال ؟ أما مآل المقيم فى الدنيا إلى الزوال ؟ أما آخر الصحة يئول إلى الاعتلال ؟ أما غاية السلامة نقصان الكمال ؟ أما بعد استقرار المنى هجوم الآجال ؟ أما أنبئتم عن الرحيل وقد قرب الانتقال أما بانت لكم العبر وضربت لكم الأمثال ؟.
أين الذين كنزوا وجمعوا ، ، وتملوا من الشهوات وشبعوا،وأملوا البقل فما نالوا فيها ما طمعوا ، وفنيت أعمارهم بما غروا وخدعوا ؟ نصب لهم الشيطان أشراك الهوى فوقعوا ،وجاءهم ملك الموت فذلوا وخفوا ،فأخرجهم من ديارهم فلا والله ما رجعوا ، فهم متفرقون فى القبور فإذا نفخ فى الصور أجتمعوا.
يا من عمره كلما زاد نقص، يا من يأمن ملك الموت وقد اقتصى ،يا مائلا إلى الدنيا هل سلمت من النقص ؟ يا مفرطاً فى عمره هل بادارت الفرص ؟ يا من إذا ارتقى فى منهاج الهدى ثم لاح له الهوى نكص ،من لك يوم الحشر عند نشر القصص .
لقد أسمــع منادى الإيمان لو صادف آذ واعيــة ، وشفــت مواعظ القرآن لو وافقت قلوبا خاليــة ، ولكن عصفت على القلوب أهوية الشبهات و الشهوات فأطفأت مصابيحهــا ، وتمكنت منها أيـــدى الغفلة والجهــاله فأغلقــت أبواب رشـــدها و أضاعـــت مفاتيحها ، وران عليها كسبها فلم ينفع فيها الكلام ، وسكرت بشهوات الغى وشهادة الباطل فلم تصنــع بعده الا الملام ، ووعظت بمواعظ أنكى فيها من الأسنـــة و السهام ، و لكن ماتت فى بحر الجهل و الغفلة و أ ســر الهوى و الشهوة و ما لجرح بميت إ يلام .
عجباً لمن رأى فعل الموت لصحبه ، وأيقن ، وسكن الإيمان بالآخرة فى قلبه ، ونام غاقلاً على جنبه ،ونسى جزاءه على جرمه وذنبه وأعرض بهواه عن ربه ،فكيف إذا أفرده الموت عن أهله وسربه ؟ ونقل إلى قبر ذل فيه بعد عجبه.
يا من يرحل فى كل يوم مرحلة ، وكتابة قد حوى حتى الخردلة ، ما ينتفع بالنذير والنذر متصلة ، ولا يصغى الى ناصح وقد عزله ، ونور الهدى قد بدا ولكن ما تأمله ، قد انعكف بعد الشيب على العيب بصبابة ووله ، كن كيف شئت فبين يديك الحساب والزلزلة ،ونعمٌ جلدك فلا بد للديدان ان تأكله فيا عجباً من فتور مؤمن موقن بالجزاء والمسألة ، ويحك يا هذا من استدعاك وفتح منزله فقد أولاك لو علمت مزله فبادر ما بقى من عمرك واستدرك أوله . فبقية عمر المؤمن جوهرة قيمة .
لقد خرقت المواعظ المسامع وما انتفع بها . لقد بانت العبر بآثار الغير لمن اغتر بالمصارع فما بالها لاتسكب المدامع ؟ يا عجبا لقلب عند ذكر الحق غير خاشع . لقد نشبت فيه الأهواء والمطامع . يا من شبيه قد أتى هل ترى ما مضى من العمر براجع؟ انتبه لما بقى وانته وراجع ، فالهول عظيم ، والحساب شديد ، والطريق شاسع . إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع