وعن معنى الروح : مادة : ( الراء والواو والحاء )
الريح : نسيم الهواء ومنه قوله تعالى
كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته ) وجاءت هنا مؤنثة والجمع أرواح وأراويح وكلاهما شاذ لأن الصواب
أرواح ) فلقد قال الله تعالى
وأرسلنا الرياح لواقح ) وقد ذكر في التهذيب أن : الريح ياؤها واو صيرت ياءا لانكسار ما قبلها , وجاء في الحديث :
( هبت أرواح النصر ).
والريح من روح الله أي رحمته بعباده قال تعالى
وأيده بروح من عنده ) أي برحمة منه .
وقال أيضا
لاتيأسوا من روح الله ...) أي من رحمته لأن الروح والراحة بها،
وقوله عن عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام
وروح منه ) أي رحمة .
وسمي الروح بالضم لأنه ريح يخرج من الروح فهو : النفخ .
وفي مثل هذا يقول الشاعر ذو الرمة في نار اقتدحها وأمر صاحبه بالنفخ فيها :
فقلت له :
ارفعها إليك وأحيها = بروحك واجعله لها قيتة قدراأي أحيها بنفخك واجعله لها أي للروح لأنه مذكر ، والهاء الثانية تعود على النار لأنها مؤنثة .
وقال تعالى
فأرسلنا اليها روحا من عندنا فتمثل لها بشرا سويا .) وفي
وكلمة ألقاها إلى مريم وروح منه .)
أضاف المولى جل وعلا الروح المرسلة إلى مريم إلى نفسه ومنه ، وهو: أي الروح : خلق من خلق الله لم يعط علمه أحدا .
ويقول سبحانه وتعالى
يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده .) يفسرها الزجاج قائلا : الروح هنا الوحي
أو أمر النبوة ، كما يسمي القرآن : روحا .
والخلاصة أن الروح هو مايحيا به الإنسان ويعيش ، ولم يخبر الله تعالى به أحدا من خلقه ولم يعط علمه لعباده .
وقوله
ونفخت فيه من روحي ) فالروح جار في جميع الجسد ، فإذا خرج الروح لم يتنفس بعد خروجه ، فالروح
النفس فإذا تتام خروجه بقي البصر شاخصا نحوه حتى يغمض ( بضم الياء وفتح الميم) .
وقوله
ينزل الملائكة بالروح من أمره .) معناه الوحي ، وسمي روحا لأنه حياة من موت الكفر فصار بحياته للناس
كالروح الذي يحيا به الجسد أو الإنسان ذاته .
كما أن قوله تعالى
نزل به الروح الأمين على قلبك )وقوله
وأيدناه بروح القدس ) المقصود جبريل عليه السلام ،
وكذلك في قوله تعالى
يوم يقوم الروح والملائكة صفا ..)
قال الزجاج :
الروح خلق كالانس وهو ليس بالانس وهو : جبريل عليه السلام .
وهو أيضا جبريل في قوله تعالى
تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل أمر )
وكذلك قوله تعالى
وكذلك اوحينا اليك روحا من أمرنا ) هو ما نزل به جبريل عليه السلام من الدين فصار به حياة الناس.
والريحان والروح في سورة الرحمن
روح وريحان وجنة نعيم ) المقصود بالروح السعة وبالريحان الراحة والرحمة والرزق
وسمي الولد بالرزق ريحانا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ( أوصيك بريحانتي
خيرا قبل أن ينهد ركناك ، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قال علي بن أبي طالب :هذا أحد الركنين ، فلما ماتت
فاطمة الزهراء قال : هذا الركن الآخر . والمقصود بالريحانتين هما :
الحسن والحسين رضي الله عنهما سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
=========
ونخلص من هذا كله قال البعض : بأن النفس والروح شيء واحد يسمى باسمين مثل إنسان ورجل ،
وهما الدم أو متصلان بالدم ، ويبطلان بذهابه ،
واستدلوا على ذلك أن الميت لايفقد من جسمه إلا دمه ، واحتجوا أيضا من اللغة بقول العرب:
نفست المرأة إذا حاضت ونفست من النفس وبقولهم لها بعد الولادة : المرأة النفساء لسيلان الدم منها
وهو النفس ، فالنفس متصلة بالدم وليس الدم ذاته . ويمكن أن يطلق لفظ النفس على الروح .
وقال البعض الثاني : هما شيئان :
فالروح باردة ، ولهذا النفخ يكون من الروح ، فأنت تنفخ في الشيء الساخن لتبرده ،
أما النفس من النفس فتراه ساخنا ،
وهو عبارة عن درجة حرارة الزفير فأنت تخرج هواء الزفير في يدك في الشتاء عندما تحس ببرودة أطرافك لتدفيء يديك )
فالروح باردة والنفس حارة . وهذا رأي لايؤيده كتاب ولا سنة .
والرأي الثالث :
النفس هي النسمة المتصلة بالدم وهي كالروح ، فعندما نعد السكان يكون التمييز (نسمة) وتعنى النفس أو الذات أو الإنسان .
كما يقال : على فلان عتق نسمة أي عتق إنسان أو عتق رقبة أي تحرير إنسان فالنفس هي الذات والحقيقة.
والإنسان عبارة عن جسد تسكنه الروح ، الجسد محسوس من عالم المادة ، مدرك بالحواس ( عالم المحسوسات)
فيه من مكونات الأرض من ماء وبقية عناصر التربة .
أما الروح أو النفس فهي من عالم الملكوت والغيب ، فعندما خلق الله آدم
خلق جسده من تراب الأرض فلما سواه نفخ فيه من روحه ، ويتولى الملك نفخ الروح في الجنين بعد 120 يوما بالتمام
والكمال فتتمركز الروح في القلب وتمتد عبر الدم الى جميع أجزاء الجسم عبر العروق .
فقد قال صلى الله عليه وسلم
إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ،
ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل اليه الملك فينفخ فيه الروح ،
ويأمر بأربع كلمات : يكتب رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أو سعيد
فوالذي لا اله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لايكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب
فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها
وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النارحتى لايكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة
فيدخلها .) رواه البخاري ومسلم .
وفي النهاية : لاتوجد روح عندما تفارق الجسد حال الموت، تخرج من فمه مع نفسه وقبلها يبدأ نفس الانسان في عدم الانتظام
ثم ما يلبث طويلا حتى يتوقف الإنسان عن التنفس ، ويتوقف القلب عن النبض فعندما تبلغ الحلقوم ينتزعها ملك الموت .