يقول الله سبحانه وتعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة183 ولو نظرنا في التشريع الإلهي لهذه الآيات نجد أن الله سبحانه وتعالى فرض الصيام في مجمله لصالح عبيده رحمة بهم. ففي بداية الآيات نجد أن الهدف الأسمى من الصيام هو التقوى في قوله «لعلكم تتقون» أي حتى ترزقوا عوامل التقوى والفلاح التي تؤدي إلى الفوز بالجنة، وكذلك في فريضة الصيام وطبيعة تأديته بالنسبة للبشرية المسلمة «أيام معدودات» تقليل لحجم الـ30 يوما وهي أيام الصيام مع أنها عظيمة في الأجر والثواب، ورأفة ورحمة بنا أيام الإفطار للمريض والمسافر، {أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ» البقرة184 رحمة ما بعدها رحمة في هذه الآيات الكريمات، تأتي من رب رحيم وكأن الله سبحانه وتعالى يقول يا عبادي «أنا الرحمن الرحيم» فلا خوف عليكم فيما فرضت، فلا حرج على المريض، ولا على المسافر أن ينظر فأي رحمة بعد هذه الرحمة. من جانب آخر وفي وقت آخر وآية أخرى « يرى الله سبحانه وتعالى عباده أنهم في حاجة لقضاء حاجاتهم إلى نسائهم فيأتي بالتصريح الإلهي في قوله {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} البقرة187. «لقد انتهى الأمر الشاق بالنسبة لكم عبادي، ليس هناك مانع من أن تأتوا نساءكم زوجاتكم اللاتي أحلت لكم، أنني أعلم أنكم كنتم تخونون أنفسكم في ليالي الصيام. الله.. الله في رحمة الله، ما أجلها رحمة وما أعظمها فلننظر معاني الآيات الكريمات « عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَد)، وهنا ننظر إلى معنى «فتاب عليكم» وليست الآية هنا للتوبة فقط إنما توبة وشفقة ورحمة وعفا عنكم والعفو هو غاية التصريح بما يريح الأنفس. ولو تأملنا أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما ذكره عن الصيام نجد فيه ما هو مصلحة للعبد في الدنيا والآخرة. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه «صوموا تصحوا»... نعم فقد أثبت علماء الطب في القديم والحديث أن الصيام هو أنفع علاج لبني آدم في كل أنواع الأمراض وليشهد على ذلك غير المسلمين أنفسهم بشهادات رسمية وبروشتات موثقة طبية، فالبعض منا يذهب حين يمرض إلى طبيب وقد يكون هذا الطبيب غير مسلم وإذ به يصف علاجه بأن ينصح المريض بالصيام لمدة ثلاثة أيام أو غير ذلك، وقد شخص هذا لنا حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم هذه الأحوال قبل 1400 عام من الزمن، حيث قال صلى الله عليه وسلم { صوموا تصحوا } من خلال هذا الحديث.. ومن النواحي الإيمانية فإن شهر رمضان شهر فيه ليلة خير من ألف ليلة وكذلك الذي يؤدي فيه فريضة كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه أليس ذلك فضل من الله ورحمته بنا..!! ولو تأملنا حديثا آخر من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم يجسد فيه الرحمة مباشرة، فيقول «أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخرة عتق من النار». نعم.. لو تأملنا الحديث جيداً وتدبرنا معناه لوجدنا أن في الثلاثة مواضع رحمة لنا، فالرحمة والمغفرة والعتق من النار كلها رحمة ولهذا دائماً وفي أغلب الآيات نجد صفة الرحمة مقترنة بصفه المغفرة «غفور رحيم».. فالشريعة الإسلامية هي من أجل حياة البشرية والمتأمل فيها جيداً يرجع بكل ما جاء به الإسلام من فرائض وأحكام تكمن في معنى قول الله تعالى «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» فهذا الخطاب إلهي من رب الكون ورب الخلائق كلها. فيا رب نظرة بعين رضاك تجعل الكافر وليا... ونظرة من بحر جودك تملأ الأرض ريا. لجنة التعريف بالإسلام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انجاز رائع ومواضيع مميز وابداع راقي سلمت وسلمت الايادي التي شاركت وساهمت في هذا الطرح الجميل بارك الله بك ولا تحرمنا من ابداعاتك وتميزك المتواصل واصل في كل ما هو جديد ومفيد لديــــــــــــــك فنحن بانتظار جديدك الرائع والجميــــــل كوجودك المتواصل والجميل معنا