نعلم جميعا ان طبيعة العلاقة دائما ما تحدد المواقف المختلفة وهذه قاعدة تنطبق على جل المجالات ان لم تكن جميعها.فالعلاقة بين اثنين ومدى تفاهمهما او اختلافهما هي التي تصنع موقف كل طرف من الاخر اما بالتقبل او بالرفض.هذه القاعدة وان كانت حاظرة في الحياة بشكل عام,فإنها تبدوا اكثر بروزا في المؤسسات التعليمية.هذا يعني ان العلاقات التي تنسج داخل المدرسة تحدد بنسبة كبيرة مدى تقبل طرف أطر اخر ومدلى تعاونهما من اجل ادراك اهداف العملية التربوية التعليمية. لنتخيل مثلا ان هناك معلما (او معلمة) قاسي الطباع او فضّ التعامل مع تلاميذه أو مع زملائه او رؤسائه في العمل,سيجد هذا المعلم مشاكبل كبيرة في التواصل مع تلاميذه يقبلون به على مضض وهذا ما سيؤدي الى صعوبات اكبر في بلوغه لاهدافه المرصدوة تربويا وتعليميا.هذا الصعوبات ستكون حاظرة ايضا في علاقته مع زملائه بالعمل.فما هي الاسباب التي يمكن ان تجعل من علاقة المعلم بالمتعلم وببقية زملائه متوترة ؟والى اي حد يساهم ذلك في الحد من نجاعة
العملية التعليمية؟
من منذا لا يتذكر احد معلميه او معلماته الذين تميزوا دوما بعلاقة غير جيدة مع تلاميذه فكان الجميع يهابه ويتحاشاه حتى في الشارع العام.انها نتيجة غير طبيعية لعملية كان يجدر بها ان تكون اكتر متانة واكتر اتساقا.وهذا ناتج عن اسباب شخصية متعلقة بقناعات المعلم وكفائته التربوية ايضا.اذ هناك من يعتقد ان القسوة تنتج الخوف ,والخوف ينتج الطاعة وبالتالي الانصياع للاوامر دون نقاش.ولقد ساهم هذا الصمت في عديد من العقد النفسية والزلات التربوية التي تكبر في شخصية المتعلم وتجعله انطوائيا اكثر وسلبيا اكثر.وقد ساهمت عدة عوامل في صنع هذا التحليل الخاطئ لطرق التعامل مع التلميذ.حيث ان من درس في جو من القسوة لابد له ان يمترس القسوة نفسها اثناء عمله وهذا ما يسمى اعادة انتاج السلوك.
ان ما يكرهه المعلم الانسان لنفسه هو نفسه ما يكرهه الاخر لنفسه.فلماذا يقوم بعض الاساتذة بالتصرفات نفسها التي كانوا يكرهونها ويكرون المدرسة بسببها.القسوة لا نتنج الا قسوة مضادة.وهنا وجب التفريق بين الشدة التي تعني التشدد في الحق والثبات عليه من اجل مصلحة التلميذ,وبين القسوة التي ترادف ارهاب التلميذ رغم امكانية قيامه بالشيء نفسه دون تلك القسوة وبشكل اكثر محبة واقتناعا.بهده الطريقة يكون المعلم قد كسب هدفه التعليمي وكسب ود التلميذ وانتباهه معا عوض ان يكسبوا عداوته.هذه القاعدة تنطبق ايضا على علاقة المعلم بزملائه في العمل,اذ نجد كثيرا من الاساتذة الذين هم مع الجميع ضد الكل.يعادون من أجل لاشيء تقريبا او لاسباب تافهة بعيدة عن اخلاق من يجب ان يكونوا اهلا للتربية والتعليم.